ولأنني أقسى ناقد لنفسي أريد أن أثني عليها لمرة واحدة وأخبرها ما قمت به أعظم خسارة قد تخسرينها في حياتك.

"العدل معصوب العينين والرحمة بصيرة "

في عملي أُسند لي ملف لشركة ما وطلب مني كتابة مذكرة فحص لهذه الشركة وذهبت للمعاينة قبل كتابة مذكرتي التي على أساسها ستتخذ اللجنة الداخلية الإجراءات وقرارها الحاسم..

في كتابة مذكرة الفحص أستند على قانون ٩١ لعام ٢٠٠٥،

و أنني أعرف كل ثغرات هذا القانون فقد قضيت ثمانية أشهر قبل التحاقي بالعمل أقبع على حفظه

واكتشفت من معاينتي للمقر والإجراءات القانونية والتحريات التي قمت بها أن الشركة لها مقر وجزء آخر لم يقم صاحب المنشأة بإضافته للملف..

وفي القانون طالما لم يخطر صاحب المنشأة بإضافة هذا الجزء لمنشأته فسيحاسب عليها لكل سنوات الفحص،

ولكن كنت أعرف من معاينتي العينية للمقر أن هذا الجزء من المنشأة حديث وأنه ربما لم يمر عليه عدة أشهر ومحاسبته عليه لسنوات ظلم قاطع له

ولكنني مقيدة بالقانون السابق وبكتابة ذلك في مذكرتي، فليس من شأني جهل صاحب المنشأة بالقانون!

ومحاسب صاحب المنشأة من مناقشتي معه علمت أنه قانونيا ضعيف جدًا

أي كل الخيوط في صفي ومئة بالمئة سأكسب الملف وسيكون قرار اللجنة في صفي أنا

ولما أنهيت المذكرة قبل أن أحول الملف إلى اللجنة الداخلية كان ضميري واقفًا يفرد كلتا ذراعيه أمامي،

فما كان مني إلا أن أكون بصيرة وأن أكون روح القانون لا سيفه

أخبرت صاحب المنشأة بسرية تامة أن يرفق في أوراقه التي ستطعن على كلامي ومذكرتي عقد إيجار حديث موثق يثبت أن هذا الجزء من المنشأة حديث وأي أدلة قانونية تثبت ذلك، ربما كان مصدومًا قليلًا أن أخبره بكل هذا أن أقدم له على طبق من ذهب ثغرة تكسبه وتكون سببًا في خسارتي!

وهو من الأساس لم يكن يعلم أنه سيحاسب عن هذا الجزء الذي لم يخطر به!

..

ما فعلته أعلم كان ضياعًا لجهد أيام قضيتها أجمع في الادلة وجهد للمعاينة وجهد لاستخدام القانون وكتابة أوراق المذكرة..

وجاء قرار اللجنة..

وخسرت وكسب هو.

كانت هذه خسارتي الأولى التي شعرت فيها بالنصر

ولما جاء زميلي بالعمل الذي كنت قد استشرته قبل أن أخبر صاحب المنشأة فرفض وحاول أن يقنعني أن لا أفعل وأنني بهذا سأخسر

جائني يشد شعره يوبخني عما فعلته وجدتني أرد:

"العدل معصوب العينين والرحمة بصيرة"

فصمت صمت تام..

وأنني لو كنت كسبت قرار اللجنة بصفي والله لم أكن لأعتبره مكسب ولم أكن لأفرح لذرة وأن أعرف أنني ظلمته واستغليت جهل الطرف الآخر بالقانون ومعرفتي أنا بالثغرات القانونية


"العدل معصوب العينين والرحمة بصيرة"

ولم أعرف من أين جئت بهذه الجملة التي تقبع بداخلي. حتى بحثت عنها ووجدتها للكاتبة "نرمين نحمد الله "


ولما بحثت أكثر عرفت تفسير لماذا تمثل العدالة بامرأة معصوبة العينين تحمل سيفًا وميزانًا؟

وجدت المرأة ترمز أنه رغم وجود السيف و الميزان إلا أن الرحمة موجودة في هذه العدالة كون قلب المرأة أرحم من قلب الرجل،

معصوبة العينين حتى تحقق العدل فلا فرق أمامها ولا تميز بين خصومها.

وتمسك الميزان حتى تكون حكيمة وتزن الأمور، بينما السيف يشير الى العقوبة الرادعة للجاني والاقتصاص منه لتعيد العدالة بذلك الأمور الى نصابها وبالنتيجة إعادة كفتي الميزان لتكونا متساويتين.


أكتب هذا لأنني أريد أن أظل أتذكر هذه الجملة مهما أخذني العمل "الرحمة بصيرة"


ولأنني أقسى ناقد لنفسي في عملي أريد أن أثني عليها وأخبرها ما قمت به أعظم خسارة قد تخسرينها في حياتك.

..


♥️

🍁 fardiat

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات 🍁 fardiat

تدوينات ذات صلة