هو أشبه ما يكون ببحرٍ عميق، لا نهاية له، في داخله ظلمةٌ قاتلة، قد تأخذك إلى موتٍ بطيء!


هو أشبه ما يكون ببحرٍ عميق، لا نهاية له، في داخله ظلمةٌ قاتلة، قد تأخذك إلى موتٍ بطيء!


أجلسُ مع نفسي كثيراً أفكر في الأسباب التي تحزننا، ولماذا تسرق منا أوقاتنا الثمينة بينما هي لا تسوي أي شيء.

وربما جلست أنت مع نفسك أيضاً تفكِّرُ في الأسباب التي تجعل منك شخصاً حزيناً على مدار الأيام، والشهور وقد تصل لسنين!

ينحصر الكثير من الأشخاص في قوقعة حزنهم لسنين طويلة، وقد يأخذهم هذا الإتجاه لموتٍ بطيءٍ فعلاً.

و بالنسبة لي على وجه الخصوص، دائمًا ما أحاول أن أفهم سبب حزني أولاً بحيث لا أجعل منه رفيقاً دائماً لي، يؤثر سلباً على حياتي، وأياً كان سبب الحزن، أدركتُ جيداً أنه يزول بسجدةٍ لله وأوبة، مع كثيرٍ من الدمعات والدعوات، ومهما كان الحزنُ طويل المدى أحاول أن أزرع دائماً في قلبي اليقين بأن كل مرٍ سيمر فأنسى ألمي، وأُشغل وقتي فيما ينفعني، ورغم أنه يراودني بعض الأحيان فيحزنني مجدداً لكنني أعود لرشدي وأشحن طاقتي بيقيني بالله أن هذا الحزن سيزول مهما طال.

إن الهروب من الحزن خطة قد تنفع أحيانًا، فأنا مثلاً قد أنجز في أوقات حزني أكثر مما أنجز في الأيام العادية، لأن الظروف الصعبة قد تصنع منك شخصاً عظيماً إن لم تستسلم لها، وأنا أعيش على هذا المبدأ، فكل العظماء أصحاب الإنجازات والإختراعات الذين سبقونا، واجهتهم ظروف قاسية وربما أقسى مما نواجه، لكنهم جعلوا منها بداية نجاحهم.

نمرُّ أحياناً بأوقاتٍ لا نستطيع أن ننجز فيها أي شيء!

يعتمد هذا على مدى عزمنا حقيقة وقوتنا على مواجهة وتحدي كل الظروف.

إن الملجأ والملاذ الآمن لنا والذي سيخرجنا من قسوة ظروفنا وأحزاننا، أولاً وآخراً هو الله، فهو لن يخذلك أبداً مهما كانت ظروفك، لكن بطبيعتنا كبشر نحتاج أيضاً لمن يواسينا, ولمن نبوح له بمآسينا، فأنا أختار أحياناً إنساناً أشعر أنه أهلٌ لهذه الثقة وأنه سيدعمني ويجعل حبل وصالي بالله متيناً أكثر من خلال كلماته التي ستشحذ همتي ويقيني بأن كل ما أمرّ به سيزول حتماً، فأنا أختار دائماً من يُذكّرونني بالله وبآياته، لأشعر معهم بطمأنينة أكثر.


الحزنُ بحرٌ عميقٌ يقذفنا بأمواجه في كل محطات حياتنا، ربما سأخبركم بأنني لا أحزن إلا إن شعرت بأنني أقع تحت وطأة الظلم من هذا الحزن، ومهما كان نوعه،لقد أخبرني أحدهم ذات مرة كلماتٍ مازال أثرها في داخلي كزهرةٍ لا تذبل أبداً قائلاً لي" أننا كلنا ذاك الإنسان المكوي من هذه الدنيا الدنية ولكن نعزي أنفسنا أن غمسة في الجنة ستنسينا كل هذه الآلام، وعوض الله إذا تأخر عظم وزاد.

لا زلت أشعر أنني مع احتدام معاركي، والحزن سوية أدركت أنه لا يستحق فعلاً أن أحزن، قال ربي سبحانه

" لقد خلقنا الإنسان في كبد"

ولو بقينا في قوقعة أحزاننا ستهلك أرواحنا، ونصبح ضعفاء كزهرةٍ ذابلة لا نقوى على أن نعيش حياتنا ونحقق أهدافنا ونبني ذواتنا.

سيضنينا الحزن إن أعطيناه مكانة أكبر من التي يستحقها وإن كان له من مكانة فهي اللاشيء، أنا لا أقول ذلك لأخبرك ألا تحزن!

لكن جرب أن تجاهد نفسك وأن تحيا حياة رغم الحزن بلا حزن، ستغدو أقوى, وأشرس في مواجهة الحياة, ونصيحتي لك ألا تهدر وقتك في التفكير بالحزن، وأن تتوجه إلى الله دائماً وأبداً في السراء والضراء، فإنه ما دمت معه سيكن معك.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

سلمت أناملك
حديث رائع.
مَن وجد الله ماذا فقد؟ ومن فقد الله ماذا وجد؟
وإن كان الحزن يكبّلنا، فللّه شكوانا، وبه اعتصامنا

إقرأ المزيد من تدوينات وفاء إسماعيل

تدوينات ذات صلة