عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ، بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
على الرغم من الدمار والحزن الذي يغطي العالم، هل مسموح لنا أن أن نفرح، أم أن ضحكنا هذه الأيام هو وقاحة ما بعدها وقاحة؟
يذكرني هذا السؤال بظاهرتين نفسيتين معقدتين، وهما التعاطف وتقمص مشاعر الآخرين.
فالتعاطف هو القدرة على مشاركة مشاعر الآخرين وفهمها، في حين يُشير تقمص مشاعر الآخرين إلى تجربة مشاعر الآخرين من حزن وغضب وقلق، دون أي صلة أو تجربة سابقة.
وعلى الرغم من أهمية تجربة هذه المشاعر لتعزيز التواصل والتضامن، إلا أن التقمص الزائد لها يمكن أن يؤدي إلى استنزافنا عاطفياً والتأثير سلبيًا على صحتنا العقلية.
في هذا المقال، سنستكشف الفرق بين التعاطف الصحي وتقمص مشاعر الآخرين السلبي، وكيفية التعامل مع هذه الظاهرة للحفاظ على صحتنا العاطفية.
عندما نتحدث عن التعاطف، فإننا نشير إلى القدرة على تفهم مشاعر الآخرين والتعبير عن التعاطف والدعم، فالتعاطف هو رد فعل إنساني طبيعي ينبع من قلوبنا الحانية ويقودنا إلى تقديم العون للآخرين في الأوقات الصعبة، إنه أداة قوية للتواصل العاطفي والتآزر الاجتماعي، حيث يمكن أن يساهم في خلق بيئة إيجابية ومرنة. ومع ذلك، عندما يتحول التعاطف إلى تقمص لمشاعر الآخرين، يبدأ الاختلال.
يحدث تقمص المشاعر عندما نحاول تجربة مشاعر الآخرين بصورة شديدة، وكأننا نعيش في جلودهم، يمكن أن ينتج عن ذلك تأثيرات سلبية على صحتنا النفسية، حيث قد نفقد هويتنا الشخصية ونترك أنفسنا نغرق في الأحزان والمشاعر السلبية التي ليست حقاً لنا.
التقمص المفرط يحرمنا من السعادة لأنه يجعلنا نعيش في عالم آخر غير حقيقي، نحن لا نعيش حياتنا الخاصة بل نعيش حياة الآخرين، مما يجعلنا نشعر بالتوتر والضغط النفسي، ونفقد القدرة على التفريق بين مشاعرنا الحقيقية ومشاعر الآخرين، وإذا استمررنا في تقمص مشاعر الآخرين بشكل مفرط، فقد نصل إلى حالة من الإنهاك العاطفي والنفسي، مما يؤثر سلبًا على جودة حياتنا وسعادتنا.
الحزن جزء لا يتجزأ من الحياة البشرية، لا يوجد شخص قد مر على الأرض وعاش في سعادة تامة طوال الوقت، بل وعلى مدى تاريخ البشرية، لم يمر يوم واحد كانت فيه البشرية بكامل سعادتها، ولكن هذا لا يعني أننا يجب أن نشعر بالذنب أو الحزن بسبب ذلك.
بالعكس، يجب أن نحاول أن نبحث عن الأشياء الإيجابية ونفرح بها، حتى في أوقات الحزن والألم. فالحزن فهو جزء من تجاربنا ومغامراتنا، ويمكن أن يؤدي إلى نمونا الشخصي وتطورنا العاطفي، علينا أن نقبل وجود الحزن ونتعلم كيف نتعايش معه، بدلاً من أن نشعر بالذنب بسبب عدم قدرتنا على الفرح الدائم.
في النهاية، التعاطف هو أمر إيجابي حميد يجب أن نمارسه ونطبقه في حياتنا.
ومع ذلك، يجب أن نكون حذرين في تقمص مشاعر الآخرين، حتى لا نفقد ذواتنا ونعيش في حزن دائم، دعونا نحتفظ بتوازننا العاطفي ونقدر المشاعر الحقيقية، مع الاعتراف بوجود الحزن كجزء لا يتجزأ من حياتنا البشرية المعقدة.
السعادة ليست حالة ثابتة، بل هي رحلة مستمرة نعيشها في حياتنا، يجب أن نتعلم كيف نقدر الأوقات السعيدة ونقدم الدعم للآخرين في أوقاتهم الصعبة، إن التعاطف والاهتمام بالآخرين هما مفتاح السعادة الحقيقية والتوازن النفسي في حياتنا.
علينا أن نتذكر أن السعادة تكمن في قدرتنا على قبول الحزن والتعايش معه، وعدم السماح له بحرماننا من الفرح والسعادة الحقيقية.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
عيدكم مبارك🌸