البجعة الحِنطيّة:(الرقص في محراب الشيطان).... روايتي الأولى من وحي الواقع الاجتماعي والسياسيّ بعد ما عُرِف بثورات الربيع العربيّ
قد يسألنا البعض: لماذا اخترتم أو اخترتُنّ الكِتابة بالضبط؟ هناك مواهِب كثيرة يُمكن أن تأتِ بالمال أو الرِبح السريع، هذا الأخير لا آخذ به كثيراً، قد يبدو لي وللكثيرين غريباً نوعاً ما، لأنّنا لا نتعامل مع الكِتابة كمهنة، إنّما كهِبة من الله، نستمتع حينما تجتاحنا الرغبة لمغازلة الحروف من أجل الخروج بنصّ يُشبه تفاصيلنا أو خيالنا أو جنوننا الجميل، لا يهم ماذا يُشبه لكنّه نابع من الضجيج الداخليّ الذي يحسبه الكثيرون هدوءً مُستفزًّا
كثيراً ما قرأت عن أدب الرحلات، حيث يعكِف الكاتِب على سرد تفاصيل عاشها بزيارته لدول معيَّنة بطريقة جذّابة مُتجاوزاً حدود المكان الذي نقبع فيه، لكن يقتصر الوصف على ما عاشه بداية من رُكوبِه الطائرة وحتى نزوله بالمكان الموعود، مُركِّزاَ على حالته النفسية ومزاجه، أو بالأحرى يومياته وتجاربه الخاصة...
روايتي لا تندرج ضمن أدب الرحلات، لا تُحاكي تجاربِي الشخصية بالمدن أو الدول التي سافرت إليها لأنّني تجاوزت اللحظات الشخصية، مُركِّزة على الخُصوصية المُجتمعية والسياسية للقاهرة، نعم تأثّرت بالرحلة العلمية التي خضتها بجمهورية مصر،
وبحكم قراءاتي الكثيرة عن التاريخ المصري الممزوج بالسياسة كتبت روايتي الأولى التي تدور أحداثها بالشوارع المصرية إبّان ثورة 25 يناير 2011.كان اختياري للشخصيات دقيقاً، حيث ألبست البطل أقنعة كثيرة مُزاوِجةً بين الواقع المُعاش ببساطته وبين الطموحات النفسية والفكرية لكلّ من يتخبّط وسط الصِراعات السياسية والاجتماعية فتنقِلب سِلباً على حياته...
بطل الرواية اسمه زياد عاش بالقاهرة وسط عائلة تلبَّسها التشتُّت بغتة، رغم أنّ والد زياد شخصية ذات مكانة بالدولة إلاّ أنّه استسلم لشهواته، التي قادته لخيانة الأهل والوطن...
دخل زياد متاهة نفسية زادت حدتها أثناء ثورة يناير، لتتفاقم أكثر بعد ولوجه عالم السياسة، أين تورط بثنائية الديني والعسكري...
زياد الذي عاش أجمل أيّام حياته مع عائلة ليست هي منبعه الحقيقي، فأن يكتشِف الواحد منّا بأنّ أصوله إسرائيلية_صهيونية ليس بالأمر الهيّن، ووسط هذا الكابوس تورّط بالعشق مع جاسوسة أو راقصة الباليه التي تُتقِن التمايل على حدود الدول والاتفاقيات المشبوهة.
الرواية لا تتوقّف عند هذا الحد، بل تُحاكي الواقع السياسي اللا_مكشوف وسط قالب أدبيّ شهي، الأدب السياسي مجال مُتخَم بالحركة، ينقلك من الصورة السطحيّة، إلى عُمق التناقض المميِّز للنفس، لأنّنا مهما تجرّدنا من الآخر سنُصادفه بتفاصيلنا، مهما تحجّجنا باللا_تورُّط بعالم السياسة سنتجرّعه سواءً اخترنا الثرثرة أو الصمت، والأدب هنا حلقة وصل أذابت الحدود مُفسِحةً المجال للإبداع.
تمخّضت روايتي التي جاءت تحت عنوان البجعة الحِنطيّة:(الرقص في محراب الشيطان)، بالقلب الأدب السياسيّ، لأنّي تأثرت بزيارتي لمصر والوقوف بميدان التحرير الذي شهد أحداثاً لن يتجاوزها التاريخ أبداً هناك في القاهرة تأمّلت تفاصيل من عمق الخصوصية مُتجرّدة من إطلاق الأحكام أو الغرق بالذاتية المشوّهة للمعنى.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات