رأيت بائع البامبو عند إشارة الطريق الذي اعتدت ان أمر منه كل مساء لأمشي في أحد المنزهات الرياضية
بائع البامبو .
عند الشارع الممتد بظلامه ، تماماً عند الاشارة التي تصطف بها كُل انواع السيارات ، يقف مبتسماً يركض من رصيف لرصيف عيناهُ تجوُل في الانحاء خشية ان يؤشر له احدهم ولا ينتبه له ، من بعيد اراقب المشهد التراجيدي قد يبدو لك سعيد بما يفعل يحمل باقات الورد الملونه بكفّه وساق البامبو معلّق على كتفه ، وكأنه يعلق احلامه سعادته ،رزقه ،بيته ،اطفاله، ماضيه ، وحاضره، ربطة الخبز ، وعنقود العنب التي تشتهيه طفلته ، يجوّل بيننا تخترق كلمته نوافذنا المغلقة ونحن ننتظر على مهل بكل ملل ان تخضّر تلك الاشارة وهو يقول " بليرة ساق البامبو بليرة "
يعرض عليك ان تشتري كل أحلامه "بليرة" ولكن هذه الليرة قابله للتفاوض والمساومة عندك تفتح الشباك وتهتف وتحرك يدك البلهاء ظناً منك انك ذكي وتقول " طب من هون لهون " فينقص لك نصفاً فتزيد بضغطك حتى يكاد ان يعطيك اياها مجاناً ...
تشتري البامبو فتقطف حلماً من كتفه تحمل البامبو لتزيّن زاوية بيضاء تحت نوافذ منقّشه يهبّ منها الهواء بغنج شديد ، يمضي عليه الوقت ينام عليه الغبار ويقسو عليه الاهمال ، يصفّر شيء فشيء ويدوم هذا الحال طويلاً طويلاً ، فيبات ساق البامبو منسياً كخرم في زاوية جدار غير مرئي يموت يوماً بعد يوم ، بصمت على مهل
قتلته ولم تكلف نفسك ان تدفع له ثمناً ، ان تهدي له ضحكة ، ان تلقي عليه " شكراً للطفك " ولو من خلف نافذة سيارتك ، وتعود لتلك الاشارة لتصحح فعلتك لتشعر بإنسانيتك ولو لمره واحدة على الأقل ولكنك لن تجده فذلك اخر حلم كان يمتلكه بائع البامبو .
لـ طِيب العمد
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات