هذه ليست قصة طفل لديه حقيبة مدرسية وقصة قبل النوم

أذكر تماماً تلك اللحظة ، التي كنت امشي بها كأي شخص في شوارع مدينة " اربد " كما يدعونها عروس الشمال ، كان كل شيء طبيعي حتى شد حقيبتي طفل صغير ذو شعرٍ مجعد ووجه صغير مليء بالطفولة التائهة ، دعاني بمسبات لم اتوقع ان تخرج من فمٍ صغير لم يتجاوز التاسعة من عمره ، ولم اكن مدركه مايريده بالضبط ، حتى اتضح لي انه يريد المال فغضبت بفعلته وبمسبته التي خرجت كالصفعة على وجهي نهرته فضربني فمشيت تجاوزاً للمشاكل ، في اليوم التالي وجدته صدفة على الرصيف جائني معتذراً عما بدر منه فسألته بفضول مالذي يجعلك حبيس الشارع ، مالذي يجعلك كبيراً ياصغير؟ فقال بجملة رنّت في بالي ومازالت " أبوي بطلعنا علشان نجيب مصاري ولو ماجبنا بننام برا الدار علشان هيك عصبت مبارح وكنت بدي تعطيني لو شلن علشان يدخلني " وكان وقع الكلام على قلبي كالسكين وددت لو انني ازرع النسيان بذاكرته واسقيه طفولة عذبة وددت لو ان هذا الطفل يستيقظ ليذهب للمدرسة ، ليستمتع، ليعيش حياة بسيطة يسقط من دراجة يكتشف ماحوله ، وددت لو احتضنه حتى ينتهي العُمر ، مضيت ووقع الشِلن كبير عليّ ما ابخسك من عمله! متى اصبحتي تذكرة لدخول منزل ؟ متى كنتِ تعني اكثر من طفولة طفل؟ مضيت بالطريق وكان الطريق يمضي فوقي فشعرت انني صوت هذا الطفل صوت لكل طفل لكل قضية تأكل حق وتزرع فساد ، صوتك الذي تخشاه .. كان اول فكره واول سكربت ، اول عمل اخراجي لي ، اذكر تماماً ايضاً من رفض مساعدتي وكان يظن انها " تافهه" اذكر كيف اغلقت دفتري مؤمنة انها ستخرج للواقع في احد الايام حتى وجدت الصديق " احمد حداد " وطرحت عليه الفكره عدلناها وكوّنا فريق من الرِفاق مضينا اسبوع كامل نصور نخرج صباحاً نعود منتصف الليل كُنا غارقين بالمُتعة وصناعة مانحُب ، جهز العمل ورضينا عنه ، اخرجناه للعلن وكان الحضور اكثر مما تدركه مخيله انسان ، ولكن باللحظة التي صفق بها الحضور شعرت ان هذا التصفيق للطفل الذي يناضل بالشارع ويدفع عمره ثمناً لجشع ابيه ، هذا التصفيق يحييه ويحبه ، هذا التصفيق فخوراً به ، هذا التصفيق ينبذ الشلن البخس ، ويرفع براءة الطفل شعرت انه يقف امامي ويشكرني ... في تلك اللحظه تماما أدركت أن صناعة الافلام القصيرة باب من ابواب ترجمان الواقع باب لمشاركة الاخرين معاناتهم قررت أن ابذل كل جهدي واسخر هذه المهنة لكل شخص لا يُسمع صوته , الحمدالله واجهنا صعوبات كثيرة ولكن الفيلم تم ترشيحه في مهرجان الكرامه بالاردن عام 2019 وفي هذا العام 2020 تم ترشيحه لكرامة في اليمن .. وتم نشر مقالة عنه في جريدة اليرموك , اصنع ما تحب وكن واثق تماما أن الذي يولد بحب لا يموت أبدا .سيتم نشره قريبا ان شاءالله .


فريق العمل :

احمد حداد

يمان عزايزه

ليلى جهاد

يارا السعد

تالا حرب

سند مشربش

حذيفه العمري



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات طِيب العمَد

تدوينات ذات صلة