هل نحن جيل هش؟ هل نبالغ في مشاعرنا وردود أفعالنا؟؟

لسبب مجهول أجد نفسي متابعة للعديد من المجموعات التي يطرح فيها الأعضاء أسئلة معينة، بعض هذه المجموعات عن الأسئلة المهنية مثل التوظيف والمقابلات والعمل، أو حتى عن المنح الدراسية والتعلم، هناك نمط شائع يمكنك ملاحظته في هذه المجموعات " عدم التعاطف "


يجد الإنسان صعوبة بتصديق أن أحدهم يعاني أكثر منه أو أنه أحدهم يعاني أصلًا، فبعد طرح أحدهم لمشكلته في العمل، سواء كان الضغط النفسي أو انعدام الحياة الاجتماعية أو مشاكل زملاء العمل أو أشياء مثل عدم تحقيق الذات أو الشغف، وصولًا لمرحلة الخضوع لجلسات نفسية يأتي دور المتابعين لبدء مسيرتهم الكوميدية داخل التعليقات، " محد لاقي شغل أصلًا "، " شو هالجيل الجديد عمرنا لا سمعنا بنفسيتي مش مرتاحة ولا أجد ذاتي الواحد بروح وبشتغل"، " إنت مالك ومال اللي بشتغل معك اعمل اللي عليك وروح"

ولكن هل هذا ممكن؟ هل تمكن أي إنسان على مر التاريخ من فصل نفسه عن محيطه دون أن يتأذى بالخلافات أو المشاكل المحيطة حوله؟ وهل نحن جيل هش حقًا؟


بالحديث عن جيلنا كانت صديقتي تخبرني عن كتاب عبقري كانت قد قرأته من فترة " سيتضح لك أنه ليس بتلك العبقرية على أي حال "، يتحدث الكتاب عن الجيل الهش، وكيف أن هذا الجيل يعصف به الاكتئاب والقلق بسبب ضعفه وهشاشته، وهو كمن كذب الكذبة ثم صدقها، ثم أضافت بروح مرحة، ما هو التنمر على أي حال " اللي بضربك اضربه "، فكرت فيه نفسي، أرأيت؟ إنها بهذه البساطة، توقف عن لعب دور الضحية يا ضحية التنمر " اللي بضربك اضربه" بهذه البساطة والسذاجة، لا زلت عاجزة عن معرفة كيف تاهت عن العالم هذه الحكمة العبقرية.


في العديد من حكايات الأشخاص الناجين أو الذي لا زالوا يعانون من أمراض واضطرابات نفسية، دائمًا ما تكون من أكبر المشاكل التي يواجهها هؤلاء الأشخاص، صعوبة التعبير عن مشاعرهم وطلب المساعدة، خوفًا من أن يتم تصنيفهم والحكم عليهم، أو من تتفيه مشاعرهم ومشاكلهم.


اكتئاب ماذا ومشاكل من؟ " افرح ييجيك الفرح"

لماذا القلق؟ لا تقلق " حلول عبقرية دائمًا"

لا تكن ضعيفًا أنت مثير للشفقة " أسد يلا فيه ايه"


لماذا من الصعب طلب المساعدة ؟42320593052120504


لا يمكننا على أي حال أن ننكر التقدم في هذا المجال، فقبل عدة سنوات لم يكن من المعتاد أن تسمع تعبيرًا مثل " الصحة النفسية / mental health".


هل هذا لأننا جيل هش؟

سأدعي بأن الإجابة لا، فبعد إصابة فتاة أعرفها بالاكتئاب، بدأ العديد يخبرونها عن تجارب أشخاص آخرين من الاكتئاب " كبار بالعمر وبعضهم متوفًا"، وفي كل مرة كنت أجد صعوبة في تصديق أن فلان حقًا عانى من الاكتئاب؟ أو أن هذا الشخص ذهب لطبيب نفسي؟ وهنا أتحدث عن كبار من جيل سابق وصلوا للعلاج بالدواء والطبيب النفسي، وبذلك نستثني من لم يذهب للعلاج ومن لم يدرك اكتئابه من الأساس، ولكن في تلك الأيام كان هذا كله يتم بالسر فمن كان ليجرأ ويقول بأنه يراجع طبيبًا نفسيًا!!


ماذا لو كنا حقًا نبالغ في مشاعرنا، وردود أفعالنا؟


أؤمن بأن على المرء مراجعة مشاعره وردود أفعاله وضبطها باستمرار، ولكن لا يحق لأحد إخبارك كيف يجب عليك أن تشعر؟

فامتلاكك للمال أو الصحة أو الوظيفة الجيدة لا يعني عدم أحقيتك لامتلاك المشاعر، فتجريبك لنوع معين من الألم لا يعني بأن بقية أنواعه غير موجودة، فالحضارة والصناعة عقدت الحياة وجعلتها أصعب وخلقت مشاكل لم تكن لتظهر لولا ظهور الصناعة، فالموظف يواجه مشاكل وضغوط لا يمر بها الشخص العادي، والمال يجلب لصاحبه معارف المصلحة وفراغًا ربما أعفي منه كثير من أصحاب الدخل المحدود.


فبقدر كون جملة "لماذا لا تعمل بذكاء وتكسب مالًا بدل حياة الفقر؟" سخيفة، فإن جملة "انعزل عن محيطك واقطع العلاقات السامة واقتل مشاعرك" تبدو بنفس مستوى السخافة.


نحن صناعة تجاربنا وذكرياتنا ومحيطنا وعائلتنا وأصدقائنا ومالنا وعلاقاتنا التي شكلناها ثم شكلتنا هي لاحقًا، ونحن الوحيدين الذين نشبهها فإذا شعرت بشيء فهو بالضرورة حقيقي!

تقوى يوسف

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات تقوى يوسف

تدوينات ذات صلة