الطعام الحار، الأدب الحزين، الأفلام الحزينة، إيذاء النفس، والاستمرار في علاقات مؤذية، لماذا نحاول دائمًا تجربة شعور الألم؟ هل نحن حمقى؟


لنبدأ بالأمور البسيطة أولًا، لماذا نحب تناول الطعام الحار على الرغم من صراخ أجسادنا في تلك اللحظة، هل نحن حمقى؟


1- المتعة المحمية


رغبة الشعور بالألم9015036854679992


في الحقيقة سبب حرارة الفلفل هو احتواؤه على مادة ال كابسيسين " Capsaicin"، وهي مادة طوّرت كأسلوب دفاعي لمنع الثديات من أكلها، ولكن هذا لم يردع البشر من أكلها ولكن لماذا، هل نحن حمقى؟


تناول الفلفل الحار يحفز افراز الأدرينالين والأنانداميد وغيرهما من الهرمونات:

-الأدرينالين: هو المسؤول عن زيادة دقات القلب والحماس.

- أنانداميد: وهو النعيم الكيميائي الذي يساعدنا على الاسترخاء.


تناول الفلفل الحار، وتناول قضمة من الكوكيز يحفزان نفس المناطق في الدماغ، وعقولنا في الحقيقة ذكية فهي تدرك عدم وجود خطر حقيقي، حتى عندما تكون أجسادنا في حالة صراخ هستيري.



2- الملل


رغبة الشعور بالألم32225157060649012



هل يمكن أن نختار تعريض أنفسنا لصدمة كهربائية؟ دون أي سبب أو إجبار؟ لماذا؟ هل نحن حمقى؟


في إحدى التجارب تم وضع المشاركين في غرفة فارغة غير مزينة ودون أي محفزات خارجية لمدة 15 دقيقة، مع خيار تعريض أنفسهم لصدمات كهربائية خفيفة ومعتدلة من خلال الضغط على الزر، وجميعهم تعرضوا لهذه الصدمة قبل التجربة، ليكونوا على معرفة بما ينتظرهم، وجميعهم قالوا بأنهم على استعداد لدفع المال لتجنب التعرض لها مرة أخرى، ولكن خلال التجربة ومع كامل حريتهم تعريض أنفسهم لصدمة كهربائية أو الجلوس دون فعل أي شيء لمدة 15 دقيقة، اختار 12 من أصل 18 من الرجال و 6 من أصل 20 من النساء صدم أنفسهم بالشحنة الكهربائية على الأقل مرة واحدة خلال التجربة التي استمرت ل 15 دقيقة.


يختار بعض الأشخاص الشعور بالألم على الجلوس وحيدين مع أفكارهم.


3- السيطرة على حياتنا


رغبة الشعور بالألم34258836162652270


كلما كنا أكثر قدرة على السيطرة على حياتنا والبيئة من حولنا كلما كنا أكثر سعادة، لذلك حين تشعر وكأن كل شيء خارج عن سيطرتك تختار القيام بأمور بسيطة تشعرك بالألم، تقول لنفسك هذا شيء مؤلم وصعب أستطيع التحكم به.


في جميع الأمثلة السابقة يمكن طرح أمثلة إيجابية محمية وغير مؤذية، وأمثلة أخرى مؤذية قد تودي بحياة أصحابها.

وكل ما سبق هو عن الألم اللحظي، ولكن ماذا عن مصائب الحياة، ونمط الحياة المليء بالحزن، لماذا نختار لعب دور الضحية، هل نحن حمقى؟؟


4- العقاب من أجل العدالة


رغبة الشعور بالألم19682084307331530


في السابق تم ربط المعاناة الإنسانية بالعقاب الإلهي لارتكاب ذنب ما، فكان يتم إخبار الرجل الذي فقد عائلته وكل ما يملك بالرسالة التقليدية: لا بد أنك فعلت شيئًا يسيء للرب بطريقة ما، وعليك طلب المغفرة، ولكن هذا يبدو قاسيًا، ونحب استخدامه ضد غيرنا، لمن يخالفنا أو لمن لا نطيقه، وأحيانًا ضد أنفسنا حين نكرهها، بل قد نقوم نحن أنفسنا بإلحاق ضرر بأنفسنا عن قصد، كنوع من العقاب الذي نشعر بأننا نستحقه والناتج عن كرهنا لأنفسنا.


5-إيجاد معنى


أما لأنفسنا التي نحب وللأشخاص الذين نحب، فنحن نختار إيجاد معنى للألم، فهذا الألم ما هو إلا اختبار لتخرج أفضل مما كنت عليه، وعليك إيجاد المتعة في هذه المعاناة، ومن هنا تحولت المعاناة لفضيلة، وطريقة لجلي الذنوب.


وبدأ الناس يختارون الظهور بمظهر الضحية، فهذا ما يتعاطف الناس معه أكثر، أن تكون ضحية الانفصال، ضحية ظالم متجبر، ضحية الفقر، لقد بدأ الناس يتحدثون عن كل تلك الآلام كشيء ذا معنى أو كفضيلة، حتى لو كانوا مجبرين عليها، ولم يختاروا فعل هذه الفضيلة. لماذا، هل نحن حمقى؟


لأن عكس ذلك يعني أن موت كل هؤلاء الأبرياء، لم يكن ذا معنى، وإذا لم يكن لكل هذا الألم معنى، إذًا فما معنى كل حياتنا؟ هل كنا كل هذه السنين بحالة مزرية بلا أي معنى؟

لا يمكننا القبول بذلك، لذلك علينا إيجاد طريقة لقبول كل هذا الألم، بخلق معنى له.


حياة مزرية + معنى = مقبول


علينا قبول آلامنا لأن لا مفر من ذلك؟ ولكن هل هي فضيلة؟ هل علينا أن نكون فخورين بها؟ هل علينا أن نروج لها؟ وهل علينا تمجيدها؟




المراجع:

Why Do Humans Love Pain? - YouTube

Human Suffering on JSTOR

the desire to be sad: "tragically beautiful" art & romanticizing mental illness - YouTube

Just think: The challenges of the disengaged mind | Science


تقوى يوسف

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

رائعه ❤️

لذلك تجد في كل محنة منحة وليس كل أحد قادر على الاسترشاد بتلك المعاني والخروج بنجاح من تجربة الألم والأستفادة منها ليصير ألمه نجاحه .. فاللهم ألهمنا رضدنا وأعذنا من شرور أنفسنا ... سلمتم على المقال

إقرأ المزيد من تدوينات تقوى يوسف

تدوينات ذات صلة