لماذا يعد لعب دور الضحية والإشفاق على أنفسنا مغريًا لهذه الدرجة ؟!


تبدأ الحكاية بتذمرك من حياتك الغير منصفة، وإخبار أحدهم عن الأمور السيئة التي مررت بها في يومك، وشعورك بأن من حولك يعيشون حياة أسهل من حياتك، ثم يتحول الأمر لإدمان، ويتحول إلى انفصال عن الواقع، وإلى متعة لحظية مُرضية!

ولكن لماذا؟ لماذا يعد لعب دور الضحية والإشفاق على أنفسنا مغريًا لهذه الدرجة؟



لماذا نشفق على أنفسنا؟


1- طريقة لحماية أنفسنا من الأخطار المستقبلية


يحرص عقلنا بجد على تذكر كل الآلام والأحزان والخيبات، حتى لا نمر بتلك التجربة المؤلمة مرة أخرى، تخيل لو أننا كنا عاجزين عن تذكر حرق النار لأيدينا، أو كم كان اصطدام قدمنا بحواف الأشياء مؤلمًا، أو حجم الضرر الذي أوقعه علينا أحدهم، لكانت حياتنا سلسلة من التجارب المؤلمة التي لا تنتهي والتي لا مغزى من حدوثها، لذلك علينا أن نتذكر آلامنا وعلينا أن نشعر بالألم كله، ونتعاطف مع أنفسنا ونؤمن بأننا لا نستحق أن نمر بذلك مرة أخرى!


2- نشفق على أنفسنا لأن الآخرين يشفقون علينا


أخبرتني صديقة مقربة أحبها وأعلم أنها تحبني كذلك بأن علي أن أتمهل قليلًا في حياتي، فأنا أركض من عمل لعمل لدراسة لواجبات أخرى دون أريح نفسي، وهذا سيء، هذا سيء لصحة عيني وصحتي البدنية بشكل عام!

وفي أيام أخرى حين أخبرها عن يومي تقول مشفقة متعاطفة "الله يعينك، كل هاد عملتيه اليوم"


لم أشعر يومًا بأن حياتي مرهقة لذلك الحد، لم أشعر بأنها حياة مثيرة للشفقة، أعني مقارنة بكل أيام حياتي أعيش الآن أفضل مرحلة بالنسبة لي، وأعيش الحياة الأقرب للمثالية بالنسبة لي!


لكنني أكذب إن قلت بأن كلامها لم يؤثر في، ولم يجعلني أشفق علي نفسي التي أرهقها باستمرار، دون السماح لها بأخذ قسط كاف من الراحة، وصرت مشوشة للغاية، هل أعمل بجد وشغف أم أنني أرهق نفسي وأستنزفها على الدوام، حتى الآن أنا حقًا لا أعرف !


3- شراء الوقت


حين تشعر بأنك الضحية التي لا تستحق ما يحدث لها وليس بيدها أي حيلة، فإنك عندها تعفي نفسك من مهمة فعل أي شيء لتحسين حالك، سيكون عقلك بحالة من الرضا والعجز، ولن تشعر بضغط للقيام بشيء ما، أو مسؤولية إيجاد مخرج ما !


4- طلب المساعدة


حين يمرض أو يجوع أو يعطش طفل صغير فإنه يبدأ بالبكاء، إنها طريقته الوحيدة لطلب المساعدة، حين تثقل الحياة علينا نركض لأقرب الأشخاص إلينا لنحادثهم أو ربما لنبكي لهم أو ربما فقط لإخبارهم كم هي قاسية حياتنا، كم هي غير منصفة لنا، إنها طريقتنا لطلب المساعدة، ربما لنحصل على بعض الكلمات التحفيزية، أو بعض المديح، وأحيانًا بعض التعاطف والحب !


5- عدم تحمل المسؤولية


أتذكر في مشاريع الجامعة الجماعية، كان على أحد ما في الفريق إخبارك بأنه يعاني من ظروف عائلية صعبة،


لماذا تأخرت ؟ أمر بأمور صعبة !

لماذا لم تؤدي مهمتك ؟ حياتي صعبة للغاية، أنا حقًا أمر بالكثير هذه الأيام!


يبدو وكأنه أمر اتفقنا عليه اجتماعيًا، فإخبار أحدهم بمدى سوء حياتك،يعني أن عليهم خفض سقف توقعاتهم، وتخفيف عبئ تحملك للمسؤولية، إما هذا أو أنهم وحوش بشرية!

لماذا لا يجب علينا الإشفاق على أنفسنا؟


1- هذه ليست الطريقة التي يعمل بها العالم


إشفاقنا على أنفسنا قد يغير شيئًا ما داخلنا، ولكنه لا يغير العالم من حولنا، كثرة شكوانا وإشفاقنا على أنفسنا لا يعني أن الأمور ستتحسن، أو أن العالم سيكون ألطف، أو أن حياتنا ستكون أفضل!


2- تدمير الذات


التركيز على ما ليس لدينا أو الأشياء السيئة التي حدثت معنا يؤثر سلبًا علينا وعلى صحتنا النفسية، وفيه إضاعة للوقت والطاقة دون أي تغيير حقيقي.


3- جلب المزيد من المشاعر والأفكار السلبية


الإشفاق الدائم على أنفسنا يخلق داخلنا مشاعر الغضب والوحدة والاستياء، ويمنعنا من مواجهة المشكلة الحقيقية ومشاعرنا تجاهها، فنكتم مشاعرنا الحقيقية من حزن أو مرارة بلعب دور الضحية، وعدم مواجهتنا لمشاعرنا يعني تراكمها داخلنا دون أمل لشفائها!


كيف نتوقف عن الإشفاق على أنفسنا؟

بدل تكلف عناء إقامة حفلة كئيبة جاذبة للشفقة، والتي لن يحضرها الكثير من الناس، هذه بعض الحلول التي أحاول تجريبها حين أشعر بأنني على وشك بدء حفلة لندب حظي!


1- ساعد شخصًا آخر


من الصعب أن تشعر بالأسف على نفسك عندما تساعد شخصًا آخر



2- اجعل ليومك معنى


هناك العديد من الأمور التي بإمكاننا فعلها لإبقائنا مشغولين ونشطين، مثل: القيام بأنشطة بدنية أو عقلية، فبإمكاننا ممارسة الرياضية، أو قراءة بعض الكتب، أو التسجيل في دورات دراسية، أو تعلم هواية جديدة.


3- التجربة والخطأ


لا أحد يعرفنا أكثر منا، لذلك يمكننا تجريب كل الأمور التي نعتقد أن لها أثرًا جيدًا، لمعرفة الأنسب لنا !


4- نحن لا تستحق أكثر


نريد أ نصدق بأننا لا نستحق ما حدث لنا، ونحن نستحق الأفضل دومًا، ولكن لماذا؟ ما الذي يجعلنا مستحقين؟ الحياة لا تدين لنا بأي شيء، والأشخاص من حولنا لا يدينون لنا بأي شيء، لذلك علينا التوقف عن إخبار أنفسنا بأننا نستحق المزيد والأفضل، لأن الحقيقة هي أن لا أحد مدين لنا بأي شيء، ولا حتى الحياة نفسها، وعلينا أخذ الأشياء بقوة بدل انتظار قدومها إلينا لأننا نستحقها !


5- تخيل أنك تتحدث لشخص آخر تحبه "المفضلة لدي"


تخيل أن ما حدث لك حدث لشخص مقرب تحبه، وهذا الشخص قد أخبرك بما حدث، ماذا سيكون ردك؟ وبماذا ستخبره؟

من غير المحتمل أن تخبر شخصًا يعاني أن حياته هي الأسوأ على الإطلاق، وأن لا شيء يسير على ما يرام، في كثير من الأحيان نحن مراعون لم حولنا أكثر من مراعاتنا لأنفسنا، وقد نحتاج فقط ما نقوله لغيرنا، لذلك خذ كلماتك وطبقها على وضعك !


6- ما هو دليلك أنك لا يمكنك اجتياز هذه المحنة؟


تذكر كل المرات التي مررت فيها بأشياء أصعب، وكل المرات التي ظننت فيها أنك لن تنجو، ولكنك نجوت!


7- الأشياء الجيدة لا تصيب الآخرين فقط والأشياء السيئة لا تصيبك أنت فقط


إذا كنت تقرأ هذا المقال، فهذا يعني أنك أكثر حظًا من ما يقرب من مليار شخص في العالم لا يستطيعون القراءة، ومحرومون من أساسيات فرص التعليم.


الجميع يملك شيئًا ما، أو يمر بشيء ما، ولا أحد يسير بثقة وسعادة بدون هموم، وإن بدو كذلك، فهم جيدون بالتمثيل لا أكثر !


8- حول تركيزك


حاول تذكر الأشياء الجيدة التي حدثت معك وأخبر نفسك والآخرين بها، بدل إخبارهم عن الأشياء السيئة فقط!


9- اسأل الآخرين عن أشياء يشعرون بالامتنان لها


قد ترى أن غيرك ممتن لأمور لم تلاحظها قط، وقد تجد أنك محظوظ للحصول على أمور ظننت أنه مسلم بها، ولذلك فتش حولك واسأل وابحث عن أمور جديدة لتشعر بالامتنان لها !


10- هناك فرق بين التفاؤل والواقعية ولعب دور الضحية


قد يجعلك التفاؤل أحمقًا ومغيبًا للغاية، لذلك حاول دومًا أن تفهم كل مشاعرك الحزينة والسعيدة، والتعامل معها بمنطقية ومعالجتها، بدل محاولة تجاهل مشاعرك وواقعك، بالاختباء خلف التفاؤل المفرط أو السلبية المفرطة !





المرجع:

كتاب

13 Things Mentally Strong People Don't Do: Take Back Your Power, Embrace Change, Face Your Fears, and Train Your Brain



تقوى يوسف

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات تقوى يوسف

تدوينات ذات صلة