إنه الترند الجديد "أنا أتحدث وأنتم لا تستمعون"....


تخيلوا أنكم تجلسون في حفلة مع أصدقائكم، وكل شخص يحاول أن يتحدث دون توقف. كأنهم في مسابقة للحصول على لقب "أطول حديث بدون تنفس". تتلاحق الأفكار والعبارات وكأنهم يعلمون أن الكلمات قد تنفد قريبًا ويجب استخدامها بأسرع وقت ممكن! ليس هناك فرصة للاستماع بتركيز، فكل شخص يريد فقط أن يُسمع ويترك الآخرين في حيرة من أمرهم. هل هذا حوار؟ لا، إنه سباق مجنون للحصول على أكبر حصة من الانتباه!


وماذا عن الاجتماعات في العمل؟ إنها تشبه التمشي في سوق للخضار، حيث الأصوات تتداخل والأفكار تتشابك في فوضى عارمة. الناس يرفعون أصواتهم ويحاولون إثبات وجهات نظرهم، وفي نهاية المطاف لا أحد يسمع أحدًا. إنها معركة عنيفة من أجل الهيمنة على الحوار، والجميع ينسى أنهم في نهاية المطاف يعملون في فريق واحد!


ولننتقل الآن إلى عالم وسائل التواصل الاجتماعي، يتسابق الجميع للنشر وإثارة الجدل والحصول على عدد أكبر من الإعجابات والتعليقات. يبدو أن الكلمات فقدت قيمتها، فقد أصبحنا نعيش في عصر الإعجابات والقلوب التي تضغط بسرعة لا تصدق. لا يهمنا بالفعل ما يقوله الآخرون، المهم هو أن نحصل على التأكيد والإشادة الفورية.


وهل لاحظتم تلك المحادثات السطحية التي تجري في الأماكن العامة؟ نعم، تلك المحادثات التي تدور حول الأحوال الجوية وأخبار المشاهير وآخر صيحات الموضة، حيث يحاول الجميع إيجاد المواضيع الخفيفة التي لا تتطلب التفكير العميق أو الانخراط الحقيقي.


الحديث السطحي هو العصر الجديد للتواصل. ثم هناك ما أسميه "الفهم السريع السطحي"، هل تعرفون تلك المواقف التي تحدث فيها محادثة جماعية وتقول شيئًا، ثم يأتي شخص ويقاطعك بعبارة مثل "نعم، أنا متفق معك" أو " لا أنت مخطئ" دون أن يسمع أو يفهم ما قلته حقًا؟ هذا هو الفهم السريع السطحي، القدرة على الاستماع لأول عبارتين ثم الانتقال إلى تأييد أو اعتراض على ما يقال بدون أي فهم حقيقي.


إذا كنت تعتقد أن هذا المقال سيقدم حلاً لمشكلة فقدان الحوار والاستماع الفعّال، فأنت على خطأ! ليتني أعرف الحل حقًا، ليت أي أحد يعرفه!


لنواجه الحقيقة يا أصدقائي. الناس يتحدثون بدون توقف، أعتقد أنهم أكثر استعدادًا لسماع صوتهم الخاص من سماع الآخرين، يميل الجميع إلى حفظ جملهم الجاهزة وانتظار دورهم في الحديث.


إنه الترند الجديد "أنا أتحدث وأنتم لا تستمعون"


ولكن لا تقلقوا، فهناك حديث آخر ممتع يمكن أن تستمتعوا به. إنه الحوار الذاتي! نعم، أنتم تسمعون صوتكم الداخلي وتتحاورون مع أنفسكم بأسلوب مشوق ومثير. لا حاجة للآخرين، فأنتم مثقلون بأفكاركم وتفكيركم العميق. فلماذا تضيعون الوقت في محاولة الاستماع لآراء الآخرين عندما يمكنكم الاستمتاع بالاستماع لصوتكم الخاص وحديثكم المشوق؟!

تقوى يوسف

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات تقوى يوسف

تدوينات ذات صلة