لتغيير طريقة تفكيرنا في التغيير وقتما وجدت نفسك في صف الاغلبية فقد حان وقت التغيير.




يصف بلوتارش في كتابه (Life of Theseus) كيف حافظ شعب أثينا على سفينة "تيسيوس-أحد أبطال أثينا"، على حالتها لتحارب في أي وقت لعدة قرون. فعندما كان سطحها يضعف، كانوا يستبدلونه، حتى تم استبدال كل قطعة من الخشب فيه. و يسأل بلوتارش" هل لا تزال سفينة تيسيوس، أم أنها أصبحت سفينة جديدة؟"


يقول الكاتب رايان هوليدي في كتابه فلسفة الإتزان اليومي (Daily Stoic) : "بأن فهمنا لماهية أي أمر هو فهم قاصر مجرد رأي عابر. الكون في حالة تغيير دائمة، تنمو أظافرنا ونقصها وتنمو من جديد. ويستبدل الجلد الجديد بالجلد القديم. وتحل ذكريات جديدة محل القديمة. هل لا نزال الأشخاص أنفسهم؟ هل لا يزال من يحيطون بنا على حالهم؟ لا يمكن استثناء شيء من ذلك التغير، حتى الأشياء الراسخة في أرواحنا."


لكن ما سبب حاجتنا للتغيير ؟؟ سؤال أجاب عليه جورج برنارد شو :"التقدم مستحيل بدون تغيير ، واولئك الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم لا يستطيعون تغيير أي شيء." لأنه كما يقول تشارلز داروين:" أن البقاء ليس للأقوى ولا للأذكى البقاء للأكثر استجابة للتغيير."و "لكي تتحسن هو أن تتغيير؛ و لتكون مثاليًا هو أن تغيير كثيرًا."ونستون تشرشل


السؤال متى يجب علينا أن نتغير ؟؟؟ يقول البرت اينشتاين أن العالم من حولنا نشأ نتيجة لأفكارنا . و لا يمكننا تغييره دون تغيير تفكيرنا لكن للأسف أن "الجميع يفكر في تغيير العالم ، لكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه." كما أخبرنا ليو تولستوي. لكن هل فكرت للحظة "لعلَّ الْكثِير من العيُوب الَّتي أَمْضيت وقْتك ملاحظًا إيَّاها فِي الآخرِين ما هِي إلاَّ انعكاسٌ لحَالِك أنت." -جلال الدين الرومي


يقول الدكتور جوردان ب بيترسون في كتابه 12 قاعدة للحياة "تلك هي الحياة. إننا نبني لأبنية لنعيش فيها، نبني عائلات، ودولا وبلدان، ونجرد الأساسات التي قامت عليها تلك الأبنية، ونصوغ أنظمة للمعتقدات. في البداية نسكن تلك الأبنية وأنظمة المعتقدات، ولكن النجاح يجعلنا نشعر بالرضا عن أنفسنا، وننسى الانتباه. ننظر لما لدينا باستهانة واستخفاف، ونتغافل، ونعجز عن ملاحظة أن الأمور تتغير، أو أن الفساد يضرب بجذوره. وينهار كل شيء.هل هذا خطأ الواقع؟ أم أن الأمور تنهار لأننا لم ننتبه بما يكفي؟؟ "


"فيما مضى كُنت أحاول أن أُغير العالم ، أما الآن وقد لامستني الحكمة ، فلا أحاول أن أُغير شيئاً سوى نفسي." - جلال الدين الرومي


في المسلسل الشهير ساينفلد حلقة عنوانها "النقيض" عندما تمكن "جورج كوستانزا" من تحسين حياته بصورة كبيرة عبر فعل النقيض تماما مما كان يفعله بالعادة. يقول "جيري" : إذا كانت جميع غرائزك خطأ، فسيكون النقيض منها هو الصحيح ". الفكرة الأهم في هذا الأمر هو أنه أحيانا ما تعلق غرائزنا أو عاداتنا في أنماط سيئة تزيد من ابتعدنا عن أنفسنا الطييعية السليمة.


هنالك الكثير من الأمور التي يمكنك فعلها الآن، اليوم، والتي من شأنها جعل العالم مكانا أفضل. وهناك الكثير من الخطوات الصغيرة التي أقدمت عليها ستساعدك على تحسين الأمور. لا تخلق لنفسك الأعذار لعدم فعلها لأن الظروف غير مناسبة لأنها لن تكون أبدا. كما يقول الدكتور جوردان ب بيترسون في كتابه 12 قاعدة للحياة " من الصعب للغاية أن نفهم الفوضى المتداخلة للواقع بمجرد النظر إليها….. إن كل شيء يتغير و يتحول في عالم الواقع، وكل شيء المفترض أنه مستقل يتكون من أشياء أصغر من المفترض أنها مستقلة بدورها، وفي الوقت نفسه جزءا من أشياء أكبر من المفترض أنها مستقلة. والحدود بينها ليست واضحة أو بديهية على نحو موضوعي…. تتجلى حدود جميع إدراكتنا للأشياء ولأنفسنا عندما يتعطل شيء يمكننا في العادة الإعتماد عليه في عالمنا البسيط."


كان عالم النفس العبقري فيكتور فرانكل ، يعالج المرضى الذين يعانون من أنواع الرهاب أو العادات العصبية باستخدام طريقة أطلق عليها "القصد المتناقض". لنفترض أن المريض لا يستطيع النوم. قد يكون العلاج الطبيعي شيئًا بديهيا ، مثل تقنيات الاسترخاء. وبدلاً من ذلك ، فقد شجع فرانكل المريض على محاولة عدم النوم. واكتشف أن تحويل التركيز عن المشكلة صرف انتباه المريض المهووس بمشكلة عدم النوم مما سمح للمريض بالنوم بشكل طبيعي في النهاية.


"وقتما وجدت نفسك في صف الاغلبية فقد حان وقت التغيير." - مارك توين


يتابع رايان هوليدي في كتابه " هل سمعت من قبل العبارة التالية:" لا تدع الكمال يتحول عدو إلى الجودة."؟؟ الفكرة لا تدور حول الرضا بمعاييرك أو التنازل عنها، بل أن تتذكر أن لا تقع في مصيدة المثالية.


يفتتح المنظم الإجتماعي " سول ألينسكي" كتابه (Rules for Radicals) بفكرة واقعية ملهمة، حيث قال :"بدأت،كمنظم، من حيث يبدأ العالم، وليس من حيث وددت أن أبدأ. لا يعمل تقبلنا للعالم كما هو، بأية حال من الأحوال، على إضعاف رغبتنا في تغييره إلى ما نرى أنه يجب أن يكون بل من الضروري أن نبدأ من حيث يبدأ العالم إن كنا نرغب في تغييره لما نرى أنه يجب أن يكون."


ينصح الدكتور جوردان بيترسون إذا كنا لا نعرف من أين نبدأ قائلا : " يمكنك استخدام معاييرك الخاصة لتقدير الأمور. يمكنك الاعتماد على نفسك في التوجيه والإرشاد. ليس عليك الالتزام بنظام سلوكي خارجي تعسفي( رغم أنه يجب عليك ألا تغفل الإرشادات التي تقدمها لك ثقافتك. إن الحياة قصيرة، وليس لديك الوقت الكافي لمعرفة كل شيء بنفسك. لقد اكتسب القدماء الحكمة بمشقة وصعوبة، وربما كان لدى أسلافك الموتى نصائح مفيدة يخبرونك بها).


مع الأخذ بعين الإعتبارأن من الأشياء ما هو في قدرتنا، ومنها ما ليس في قدرتنا وليس لنا به يد؛ فمما يتعلق بقدرتنا: أفكارُنا ونوازعُنا ورغبتُنا ونفورُنا، وبالجملة كلُّ ما هو من عملنا وصنيعنا، ومما لا يتعلق بقدرتنا أبدانُنا وأملاكُنا وسُمعتنا ومناصبُنا، وبالجملة كلُّ ما ليس من عملنا وصنيعنا. أمَّا الأشياء التي في قدرتنا فنحن بطبيعتنا أحرارٌ فيها، لا حائل بيننا وبينها ولا عائق، وأمَّا الأشياء التي ليست في قدرتنا فهي أشياء هشَّةٌ وعُرضةٌ للمنع وأمرُها موكولٌ لغيرنا فلا نجعلها سببا يلهينا عن ما هو في قدرتنا.


فأصلح من نفسك قبل أن تنتقد العالم من حولك. كما أخبرنا سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه:"أصلح نفسك يصلح لك الناس." لأنه إن كان تغيير المكروه في مقدورك فالصبر عليه بلاده, و الرضا به حمق.















saffha/صفحة

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات saffha/صفحة

تدوينات ذات صلة