The Handmaid's tale:مسلسل مأخوذٌ عن رواية للكاتبة الكندية :مارغريت أتوود

في أحد المشاهد تقول بطلة المسلسل الأمريكيّ The handmaid's tale أو حكاية جارية -الذي تنتجه شبكة هولو منذ ال حتى اليوم-:لقد منحتمونا زيَّاً موحَّداً,لا تلومونا حين نصير جيشاً,


يحكي المسلسل المستمر لموسم رابع عن مجتمع دوستوبيٍّ يقوم في الولايات المتحدة الأمريكية عقب حربٍ أهلية تنتصر فيها التيارات اليمينيّةُ المتطرفة,وتبدأ الحكاية بمشهد ختطاف لسيدة في الثلاثينيات و طفلتها,لتخبرك القصة بعد بضع حلقات أنَّ عدد النساء القادرات على الإنجاب صار ضئيلاً جدَّاً و بلا أسباب عضويَّة,لكنَّ الحكام المتطرفين أرجعوا الأسباب إلى كونها غضباً إلهيَّاً بسبب الفسق و الفجور الذي شاع في المجتمع و بسبب خروج المرأة تحديداً عن المهمة التي خلقت لأجلها و هي الإنجاب.


يستعرض المسلسل تفاصيل مختلفة من الحياة قبل إنشاء جلعاد وهي ما آلت إليه الولايات المتحدة عقب الحرب و قبلها,ويستعرض حيوات النساء بدقائقها ,حيث يأمر القادة بجمع النساء القادرات على الإنجاب و تدريبهن ليصبحن جواري مهمتهن إنجاب الأطفال لقادة مملكة جلعاد المحرومين من الإنجاب,وهذا كله يتم في طقس احتفاليٍّ مهين,وتتابع بعده الأحداث من حمل هذه الجواري ثم سلبهنَّ أطفالهن بعد الإنجاب و حرمانهن من رؤيتهم و تحويلهن إلى بيوت أخرى ليصرن جوارٍ لأشخاصٍ آخرين.

لا يغفل المسلسل ذكر أنَّ النساء في جلعاد محرومات من القراءة والكتابة وأن عقوبة القراءة هي قطع الإصبع,وهنَّ ملزمات على الطاعة دون نقاش وعقوبة العصيان قلع الأعين,كما ترسل النساء التي لم يعد لهن فائدة في الإنجاب للعمل في بيوت دعارة أو في مستعمراتٍ لمواد كيماوية .

بقدر ما ينجح المسلسل في خلق بيئة متخيلة عن شكل حياة في ظلِّ حكم متطرفٍ محتقرٍ للمرأة ,بقدر ما يثير فيك رغبة في تأمل حال النساء حولك ومدى اختلافه عن حال النساء في المسلسل.


تنزع من النسوة في المسلسل هويتهنْ بحرمانهن من استخدام أسمائهنْ واستبدالها بأسماء تنسبهنَّ إلى مالكيهنَّ ,ثم يمنحن جميعاً زيَّاً واحداً ومهمةً واحدة و يملى عليهنَّ استخدام حواراتٍ واحدة,فالمرأة أداةٌ فقط مجرد رحم يحمل الأطفال للحياة,ولو رفضت آداء مهمتها تقتل لأن رفضها سيوقع السماء كسفاً .

نرى في المسلسل جانبين نسويين هما جانب الجاريات و جانب زوجات القادة ,أحد الجانبين راضخٌ بالإجبار و الآخر راضخٌ بالرضا,لكن هذا لا يمنع أن الطرفين واقعان تحت الظلم و التحجيم نفسه.


أعرف أنَّك تقرأ هذا و تتساءل ما شأن هذا كلِّه بيوم المرأة,وسأحدّثك الآن بشأنه.


نتذكّر في يوم المرأة كلَّ النساء ,القويات و الضعيفات ,اللواتي استطعن الوصول و العالقات في شرانقهن,اللواتي قلن لا واللواتي قطعت ألسنتهنَّ قبل أن ينطقن بحرف,اللواتي عرفن الحياة و اللواتي لم يُسمح لهنَّ بأن يعرفنَ إلا الموت.

النساء اللواتي كلهنَّ مصبوغاتٌ بلونٍ واحد ,لونِ أنهنَّ نساء,اللواتي تجمعهنَّ عبارةٌ واحدةٌ على الدوام عبارة"لأنك امرأة".

و نساء مسلسل حكاية جارية لسن مجرد نساء مجتمع ديستوبيٍّ ابتكرتهن المؤلفة و جسدتهنَّ الممثلات,إنهنَُ نساءٌ كثيرات يعشن هنا بيننا ,يُمارَس علبهنَّ يوميَّاً كلُّ أساليب الضغط و الأذى والعنفِ النفسيِّ و الجسديِّ و الجنسيِّ,نساء قد ينتهى بهنَّ الحال في الستين من العمر تائهات وبلا هويةٍ أو هدف ,وقد لا يصلن الستّين فقد تقتلهنَّ قضية شرف أو قضية عنفٍ أو كبت ,نساءٌ فُرِضت عليهنَّ حيواتٌ لا تشبههن,فصرنَ مجرَّد خيالات لآلات بشريَّة لا تملك قدرةً على اتخاذ قرار أو تغيير واقع.

لذا في يومِ المرأة فإن مسلسل حكاية جارية هو الشيء الأمثل للحديث عنه,لأنه ليست كل النساء يعشن في رفاهية القدرة على أن يكون لهنَ مكانٌ خاص على الأرض,وليست كلُّ النساء حرَّاتٍ ليقلنَ لا ,ولأننا كلنا نساء


ففي يومنا العالميِّ نذكِّر العالم بالنساء كلِّ النساء.


صفاء حميد

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات صفاء حميد

تدوينات ذات صلة