هل فعلاً المسلسلات الدرامية هي فقط للتسلية ولقضاء البعض من الوقت للترفيه عن النفس؟

لا بد من أن أغلبنا قد ألقى نظرةً على مسلسلات شهر رمضان، والبعض قد تابع ما أعجبه منها. "لعبة نيوتن" كان أحد أبرز مسلسلات رمضان لهذا العام. شخصياً، عنوانه المتميز والغريب قد أثار الفضول في داخلي لمعرفة نوع هذا المسلسل هل هو بوليسي؟ علمي؟ أم ماذا؟ شدّني المسلسل حتى بدأت بمتابعته يوماً بعد يوم بترقب وحماس شديدين.


"لعبة نيوتن" من بطولة الممثلة "منى زكي" و الممثل "محمد ممدوح"، مسلسل زخم بالمعاني والقضايا التي يطرحها، حيث تدور أحداثه حول زوجان مصريان قررا إنجاب ابنهما الأول في الولايات المتحدة الأمريكية، لتأخذهم قراراتهم إلى ظروف لم تكن بالحسبان، منحنيات مليئة بالصراعات والتخبط والضياع!


طرح هذا المسلسل في أحداثه واحدة من أهم قضايا المجتمعات ألا وهي قضية التقليل من شأن ودور المرأة في المجتمع. كانت هذه القضية واضحة جليّة في العلاقة التي تجمع "هنا" بزوجها "حازم"، حيث يعامل "حازم" زوجته وكأنها طفلة لا يتعدى عمرها ال٨ سنوات، لا يثق بها ولا بتصرفاتها، يحبطها ويحط من عزيمتها وقدراتها. حيث تبيّن هذا من خلال الحوارات العديدة التي دارت بين الزوجين وكان أكثرها وضوحاً هو حوار يسأل "حازم" فيه "هنا" عن (الكردت كارد) الخاص بها قبل سفرها :

"حازم: هنا فين الكردت كارد اللي جبتهولك؟

هنا: إيه؟ ليه؟

حازم: هو فين؟.. بس قوليلي

هنا: في المحفظة بتاعتي أو في الشنطة اللي أنا هسافر فيها

حازم: شفتي بقى! أو..أو، أو دي متنفعش..

هنا: التنين هسافر فيهم!!

حازم: مش هينفع يا هنا أسيبك تسافري لوحدك

هنا: عشان عيّلة هبلة ومش هعرف أعمل أي حاجة لوحدي! مش معقول بقى!

حازم: أيوة، ما بتعرفيش تعملي أي حاجة لوحدك إيه تفاجئتي؟"


قد يكون هذا الحوار حواراً عابراً في أي مشهد من مشاهد المسلسل، ولكنه ليس كذلك. هو مشهد يلخص ما تتعرض له بعض النساء من قبل أزواجهن بشكل خاص أو من قبل المجتمع بشكل عام. التقليل والتحبيط من المعنويات قد يوصل المرأة لحالة تشعرها بالعجز واليأس. وهذا ما أنتج شخصية ركيكة ومتخبطة مثل "هنا".


ومن أبرز القضايا وأوضحها أيضاً، هي قضية رجل الدين الذي يأخذ من الدين عباءة ليخفي تحتها شخصية مختلفة تماماً عن ما يظهر، ظناً منه بأنه تمكن من تحقيق رغباته الشخصية عن طريق الدين وباسم الدين. كانت هذه الصفات واضحة في شخصية "مؤنس" الذي كانت أقواله عن الدين وعن الله تكاد لا تفارق لسانه وهو ينصح هذا وذاك. ومن أكثر المشاهد تأكيداً لشخصية "مؤنس" الازدواجية كانت عندما اعترف بحبه ل "هنا" على الرغم من أنها كانت لا تزال زوجة "حازم"! بالإضافة إلى رغبته في "فك كرب مسلمة" على حد قوله، عند طلبه الزواج منها على الرغم من أنه يعلم أنها لا تحبه ولا تكن له أي مشاعر، إلا أنها كانت ممتنة له لأنه كان السبب في رجوع ابنها لها.



وهذه القضية تأخذنا لقضية أخرى مرتبطة حق الارتباط بها، ألا وهي "الكتاب باين من عنوانه".

فنحكم على الأشخاص من حولنا نسبةً لمظهرهم الخارجي أو طريقة كلامهم أو أسلوبهم، لنبدأ بلصق أحكامنا عليهم. وهذا ما انتقده المسلسل من خلال المفارقة بين شخصية "بيج زي" وشخصية "مؤنس"، حيث إن "بيج زي" شاب في مقتبل العمر، يعمل ببيع وتداول الأدوية الممنوعة في أمريكا، مظهره الخارجي مختلف بلبسه للقلائد والمحابس. على عكس "مؤنس" فهو رجل ملتحي، بملابس رسمية ومسبحة ملتفة حول أصابعه!

ولكن من الذي قام بالوقوف إلى جانب "هنا" ومساعدتها بتخطي التحديات التي واجهتها لوحدها بالغربة وبدون استغلال أو مقابل؟

على الرغم من أن صورة "بيج زي" لم تكن الصورة النمطية في أذهاننا للشخص "الطبيعي" والذي يسعى لمساعدة الغير بدون أي مقابل، إلا أنه هو الوحيد الذي وقف بجانبها. وهذا قد يدّلنا إلى أننا ببساطة، وفي كثيرٍ من الأحيان، قد نحكم على الكتاب من عنوانه!


وهكذا، أرى أن مسلسل "لعبة نيوتن" كان من أنجح مسلسلات رمضان، فهو لم يكن مسلسل عادي للترفيه والتسلية، إنما أظهر قضايا وتحديات تعاني منها المجتمعات بشكل عام والمجتمع العربي على وجه الخصوص.



وللحديث بقية...



إذا كنت قد شاهدت المسلسل، ما هو رأيك فيه؟



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات زينة الضاحي

تدوينات ذات صلة