لا زلت اؤمن ان هناك امل في انشاء مدينة فاضلة بعد كل هذه السموم التي يبثها خطابهم!
بعد سقوط بغداد عام ٢٠٠٣م، ظهر خطاب ديني جديد على الساحة العراقية لم نكن نشهد له مثيل، حيث كان هذا الخطاب فيما مضى ساذجًا يمكن لك ان تهزأ به وأن تسخر منه، لضعفه وقلة حيلته تجاه توجه الدولة العراقية سابقًا، أنا هنا لا أتكلم من منطلق سياسي بحت وإنما اريد منك ان تستشعر ما آلت إليه الأمور..
لا يهتم هؤلاء الحفنة الذين تشاهدهم على التلفاز من اللصوص بالدين ولا يعترفون في قرارة أنفسهم بالمفاهيم والمصطلحات الشرعية من الغيبيات أو العوامل النفسية أو حتى الأنثروبولوجيا، لكن جاؤا لينظروا للدين من ناحية تاريخية انتقامية لثأر لعين ليس لجيل هذا اليوم ولا للأجيال التالية أي دور في تحمّل تبعاته!
وبما انهم عاشوا في فترة من الاضطهاد النفسي اثرت في جينات-البعض منهم- فأرجعوا جذور هذا التدين إلى شعورهم بذواتهم المسلوبة وإلى إعمال خيالاتهم حتى جعلوا من أنفسهم كائنات عليا مقدسة لا يمكن المساس بها بل ان المساس منها او انتقادها إنما هو انتقاد الاله نفسه!
وهنا تتجلى أقصى درجات الماركسية في أجمل صورها حينما رفعوا شعارها (الدين.. افيون للشعوب) وكيف لا وهم الذين أنتجوا دين للمجتمعات الفقيرة يوافق توجهات الفقراء وهم الطبقة البروليتارية ليعيشوا هم طبقة البرجوازيين في بحبوحة من العيش الرغيد عندما يستلمون رواتبهم الشهرية بالدولار الأمريكي يكون الفقراء قد اظلهم فرق العملة من الدينار المحلي الذي لا قيمة له!
أما عن الخطاب الديني فقد استخدموا نصوص بأنَّ الله سوف يعوضكم حياة عادلة وغنية في جنات خلد ما دمتم تتبعون المؤسسة الدينية وتضحون من أجلها بأرواحكم وبأبنائكم وأن لا تفكروا في التمرد علينا أو حتى على وضعكم المتدني.. هذا ليس حالكم وانما حال كل "المتدينين" في العالم.
هذا هو تحايل الأغنياء في سبيل حماية مصالحهم العمياء باسم الدين.. نعم فقد كان الدين عند هؤلاء افيون ومخدر قذر لأنه مبني على الانتقام والثأر التاريخي وخزعبلات اولًا ولأنه يعمي عن مفاسد المجتمع ككل، بل تعدى ذلك ليصب في تحقيق مصالح ومنافع لمن اخترع هذا الخطاب المخادع على المنابر الدينية.
لقد صنع هؤلاء اللصوص دينًا بمثابة عاطفة مشحونة بآلام الماضي واحداث استخدموها لأجل صنع عاطفة بلا قلب ولا عقل، مجرد روح تنادي بالثأر من أجل بقاء المصلحة العليا والوصول إلى السلطة، والبقاء فيها رغم فشلهم في إدارة أبسط مؤسساتها.
أعتقد ان تكوين مدينة فاضلة كاملة المعايير كما عند أفلاطون هي آخر أحلام هؤلاء اللصوص، لأنها ستنهي على جميع مظاهر الظلم والفساد والطبقية البرجوازية والبروليتارية بل ستنهي حتى على ذلك الدين المزيّف الذي يدعون به دين الثأر والقتل والانتقام من الآخر..
ولن نذهب إلى أكثر من ذلك بالقول ان المدينة الفاضلة التي جميعنا يحلم بها والتي تدعي في الأخير انها ليست بحاجة إلى إله عندما يتساوى فيها العدل والنظام المطلق للجميع، بل.. إنما نقول يظل إحتياجنا لإله واحد عادل نؤمن به نكون نحن أكثر ادراكًا لوجوده في مواجهة أمثال هؤلاء فهو (ليس كمثله شيء وهو السميع العليم).
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات