تعد مواصلة المحاولات من شروط النجاحات ولكن هل هناك حد لذلك؟

تحتل قيمة الصبر وتكرار المحاولة مراتب عالية في سلم شروط النجاح في الحياة الخاصة أو العملية.. سواءً كان ذلك في بناء العلاقات الإنسانية أو في تشييد الهياكل الفولاذية. ولكن إلى متى تستمر المحاولات وكيف يمكن تحديد النهايات؟ ففي عالم المحسوسات قد ينضب المال أو ينفذ الوقود أو ينهك الجسد فتتوقف المحاولات. ولكن ماذا بشأن بناء العلاقات في المنظمات؟


تعمل فرق العمل داخل المنظمات كمجتمعات صغيرة لها ديناميكياتها الخاصة وأجواءها الحساسة التي تشكل، حسب جودتها، فرقًا كبيرًا بين الناجح منها و المتضعضع..و في الغالب لايكون تمايزها بذكاء وقدرات أعضائها بل في تناغم وانسجام - وليس تشابه - أفرادها، و في نقاء الأجواء التي يعملون فيها رغم صعوبة التحديات وتكاثر المهام.

إن الفرق التي تعمل في بيئة مثقلة بالقيل والقال وتأويل الأفعال وتشويه السمعات وتصّيد الزلات و تعطيل الاتصال و تناقل الأقوال، لا تأتي بخير على المدى البعيد ..


لذلك فإن الفرق التي تعمل في بيئة مثقلة بالقيل والقال وتأويل الأفعال وتشويه السمعات وتصّيد الزلات وتعطيل الاتصال لتكتفي بتناقل الأقوال، لا تؤسس لنهج مستدام وإن كانت لها ومضات من الإنجازات. فهي تعيش في بيئة مسمومة الأجواء..تُهدر الأوقات وتستنزف الطاقات وتُفقِد الإنجازات طعمها الذي يتعاظم بجهد الفريق واحتفائه بها..فمن يجد نفسه في مثل هذه الأجواء..لا يعرف ما إذا كان قد استنفذ جميع محاولات تصفية الأجواء وفتح القنوات وتجنب المهاترات والتركيز على الإنجازات، قبل أن يفكر في الارتحال.


إن مثل هذا القرار محير و صعب لأنه قد يفهم بأنه تهرب من مواجهة الصعاب أو ضعف القدرة على خوض المفاوضات، ولذلك فهو يتطلب موازنة دقيقة بين تلبية متطلبات الأعمال و محاولات الإصلاح والوقت المصروف على كليهما من أفراد الفريق وإدارته، وبين الحفاظ على السلامة النفسية للفرد والفريق بتجنيبهم مزيدًا من ضغوط وآلام الصراعات، فربما يؤدي انسحاب أحد الأعضاء إلى تجنب تفاقم المشاكل أو يلفت نظر المعنيين للتدخل لحلها.


فإن تسارعت الإنجازات وتناقصت التشويشات وتحسنت الأجواء، أو توقف تدهورها على الأقل، فهناك أمل في البقاء..و إذا تعادل الاثنان فذلك يتطلب صبرًا وحكمة في محاولة الحفاظ على ذلك الاتزان المضطرب، الذي قد يتدهور أو يتحسن في غضون لحظات، بترجيح كفة العمل والتركيز على الإنجازات والإيداعات في رصيد العلاقات أملاً بتأثيرها الإيجابي على تنقية الأجواء. أما إذا تسارعت وتيرة التشويش وازداد التضييق وأُهدر الوقت بين السين والجيم و تَشتت الجهد في الشرح و التبرير..فاعلم أنه ربما قد حان وقت الرحيل..



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات رأفت محمود زيني

تدوينات ذات صلة