لقاء ومحاولة الدخول للعمق. إنها لحظة انكشافات. حين تصل لمرحلة اختلاط الرؤى لا ينفع سوى أن ترجع لنفسك فى هدوء بعيدًا عن ضوضاء العالم حولك. فالحل داخلك.
ما أروع أن تتلاقى مع حبيب نفسك على ضفاف النيل على أنغام العصافير وهفهفة أوراق الشجر.
لكن الأروع أن تتلاقى مع نفسك الحبيبة فى زمان ومكان مختلفين فى باطن شق عميق فى إحدى حجيرات قلبك على ضفاف الذكريات وعلى أنغام الماضى فترى نفسك الحقيقية البكر قبل تراكم أكوام تراب الحياة عليها.
الحياة متاهة. وأسوأ ما يتوه عنك فى الحياة هى نفسك الشفافة الحقيقية.
لا شك أننا نقابل القسوة فى حياتنا لكن حذار أن يكون أكثر مَن يعانى من قسوتنا هو نحن.
مِن أمور الحياة ما يجب أن تتجاوزه. الحياة لا تتوقف أبدًا فلا يجب أن تعوقها باحساسك بالمرارة والخذلان. يكفى أن تعرف أنّ القدير يعوضك.
هل لك يد فى عثراتك وإحباطاتك ومراراتك؟ إن لم تقدِّر ذاتك حق قدرها فلا تطلب من الآخرين ذلك.
نفسك هى الأولى بالرعاية لتكون أنت أنت. إنها ليست "نرجسية" لكنها وضع ذاتك فى مكانها حيث يجب أن تكون. إن لم تعمل لها حسابًا فكيف يعملون هم لك حسابًا؟! إن لم تحترمها فكيف يحترمك الآخرون؟! وإن لم تثق بها فكيف يثقون بك؟! وهذا لا يتعارض أبدًا مع حب الآخرين والتضحية والبذل والتواضع؛ فكل ذلك خطوات تالية لحب الذات أولًا لكى يكون الاتضاع اتضاعًا وليس وضاعة، ولتكون التضحية والبذل عن رضا وقناعة وليست خنوعًا ومذلة. أنت تحب أحدًا لأنه حلوٌ لنفسك. تبرُّ أحدًا لتكسب أنت ثوابُا.
واحد فقط مَنْ يجب أن ترى نفسك لاشىء أمامه.. إنه الله؛ فالعشرة آلاف والصفر أمام اللانهاية لا شىء. حين تعى فى أعماق نفسك ذلك جيدًا تحميها من نيران النرجسية والتألُّه التى تأكل كل شىء وأولهم نفسك.
هل جربت غربة النفس؟ مَنْ منّا حرم نفسه من أن يعيش مع كلِّ ذاته فيعرفها ويمتحنها وينقيها وينمو معها. إنها الغربة. وكلما ابتعدت كلما زاد الإحساس بالغربة داخلك، وضؤل حجمك فى عينيك تمامًا مثلما ترى نجمًا هائلًا فى الفضاء كنقطة تائهة فى السماء.
لعلى رأيت شعاع نور..
ينبثق من عينىّ عندما نظرت إليها حينذاك فى المرآة.
أحببتُنى،
تفهمتُنى،
حنوتُ علىَّ،
صرتُ أكثر صدقًا معى، أكثر تمييزًا، وأقل نكرانًا.
فما يدخل فرن التجارب لا يرجع كما كان أبدًا.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات