عندما تقبع الميثولوجيا في العقل الجمعي و تعود الخرافة إلى الواقع ولكن بصور متعددة

قديماً قرأت حول ما يسمى بأسطورة "حوتة القمر" وهي أسطورة كنعانية أرعبت الصغار والكبار،

علمت اليوم أننا شعوب تربت على الخوف بل لابد لخوف ما أن يسكن تفاصيلنا التاريخية وأساطيرنا الشعبية كي نهزمه و لا أدري إن كنا قد هزمنا الخوف بداخلنا أم أن الأسطورة قد تجذرت في ذاكرتنا الجمعية ؟!

تقول الأسطورة : أنه في أحد الأيام كان القمر يزين ليالي الناس الطويلة ويتأمل ملامحهم المتعبة ،

جميلٌ للغاية كجمال الحسناوات في وطني .إلا أنه لم يخطر على بال أحدهم أن الحوت القابع في بطن البحر سيجرؤ للخروج إلى سماء الناس ويبتلع قمرهم المضيء

ثم يحول ليلهم الأنيس إلى ظلمة موحشة !

لم يصدق الناس وقاحة هذا الحوت المنقض على قمرهم الجميل الذي غادر البحور السبعة إلى السماء العالية ولم يختر من قناديلها المعلقة في ثوبها الأسود الجميل سوى أكبر جوهرة علقتها السماء في نحرها !

اندفع الناس بكل ما أوتوا من أسلحة فتاكة تردع هذا الحوت عن قمرهم المسالم.. لكن .. السماء عالية جداً والوصول إليها بعيد المنال .. ماذا نفعل ؟؟

فكر الناس البسطاء والتمعت في ذهن أشدهم بساطة فكرة ساذجة ثم اندفع نحو المطبخ مخرجا قدوراً وأواني نحاسية وبدأ بالضرب والصفع عليها ليخيف الحوت الجائع و يرغمه على الهروب !اندفع الناس خلفه و بتقليد أعمى أخرجت النساء (هاون النحاس) وبدأت بالرقع والصفع!

هرب الحوت و ترك لهم القمر , هللّوا احتفالا وامتدت الأهازيج طويلاً وتحولت عادة الرقع والصفع إلى تقليد يمارسه الناس في وطني عند كل خسوف للقمر واختلطت كلمات عجيبة بخرافتهم يرددوها على أسماع الحوت .

انتهت الأسطورة و اندثرت منذ وقت بعيد لكن الحوت عاد وتجرأ وكرر فعلته الشنعاء ..

لايزال هذا الحوت يخيف الفتيات الصغيرات من أهل بلدي ويظهر لهن في أحلامهن الوردية !

يجتمع مع الوجهاء ورجال الدين في الخفاء ويعلمهم دروس الجبروت على البسطاء !يوسوس في آذان النساء و يسرب لهنّ أخبار نساء المدن المجاورة وما الذي يرتدينه و كيف صارت لديهن الموضة .

يرشد الآباء في تمثيل دور الملائكة على الأبناءيقنع الشبان بالزواج من الصغيرات لأنهن ساذجات ولايزال أهل بلدي حتى اليوم ... يخيفون الحوت كي لا يبتلع قمرهم بأواني النحاس !!



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

روعه بجد

إقرأ المزيد من تدوينات ريم صابوني/ مساحة سلام

تدوينات ذات صلة