"إذا جاءكُم من ترضونَ دينَهُ وخلُقهُ فأنْكحوهُ ، إلا تفعلوا تكن فِتنةٌ في الأرض وفسادٌ"

حول هندسة البيوت

بقلم: إسراء حموري


في تقرير لقناة الجزيرة الوثائقية حول هندسة البيوت؛ جملة أذهلتني، لمعت كالبرق؛ يا الله، كم منا يعيش على هذا النحو؛ "التزام الاهل نحو الجيل الجديد"،


الطيور تضع الاعشاش دائما من أجل البيوض، لا تضع الطيور بيوضها هنا وهناك، ثم انها تبقى الى جانبها، تطير وتأتي بالغذاء، ثم ترعى وتدرب حتى تمكنها وتطلق لها العنان فيما بعد -اسراء حموري-


الهندسة الحياتية؛ الهندسة الربانية بمعنى اعمق


سبحان الله، كلُ بناء له أسس وقواعد، والرعاية في بناء الزواج لها أسس أقوى من أي أخرى تتنافس واياها، بمعنى؛ حين نقرر أن نبني نحن البشر أعشاشاً وأُسراً نبالغ في زخرفة العش والهواء المحيط به والسماء التي يتوجب أن تمطر ذهباً حتى نعيش الرغد- بمفاهيمنا الدنيوية؛ كلما زاد رغد العيش كلما شعرنا بسعادة متراخية اكبر واستمتعنا باطفالنا وأزواجنا-.


نقف للحظات هنا؛ نتزوج لأننا...؟ بحاجة الى الحب؟ ، لأننا بحاجة الشريك؟ ، نتزوج لاكتمال البناء وتوفر الرزق؟، لتماثلنا للشفاء من عبثيات الحياة وضغط الاقران واستيفاء لما كان عليه اباءنا واباءهم؟ نتزوج لسعينا نحو آخرة رغيدة؟ لاكتمال ادراكنا ووعينا تجاه هذا البناء؟، نتزوج لان يدا واحدة لا تصفق؟، لماذا يتحتم على كل ذكر وانثى الالتحاق بهذا السعي؟ لماذا يختار البعض البقاء عازبا واخرون لا يستطيعون أن يُتموا البناء وآخرون يفضلون الانسحاب او التخلي او الخروج عن هذا الاختيار؟


لا يمكن ان تكون الاجابة واحدة ولا يمكننا في السعي سوى النظر الى ما قدر الله لنا، البناء؛ يبدأ من داخلنا من تربيتنا لانفسنا، من تعقيبنا على تأملاتنا وما رُبينا عليه، والربط والتحليل والبحث في المنهج الرباني الاساسي من الخلق، كلٌ منا عاش في بيئة تختلف عن الاخرى بابوين بثقافات مختلفة عن الاخرين ومدارس نظامية أسسته على اختلافات بشرية وتمت المنهجة من هنا وهناك وضغط اقران وقلب مال وعقل تحكم وقوانين صارمة وعوامل كثيرة اخرى ، حتى تغيبت الفطرة لوهلة او لبرهة او لزمن معدود أو منسيّ.


في التفكر بأمر الارتباط وبناء الاسرة ونقل جملة ما نحتويه لاجيال قادمة وفكرة ما نستطيع ان نغيره في السلاسل الجينية وما نستطيع ان ننقله او ننسخه فلا ينتقل الى جيل بعدنا، كل هذه التأملات القائمة على ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم؛ تأمُل!الهندسة الربانية في البناء للمخلوقات كافة قائمة على حاجاتهم الخَلقية الاساسية، الفطرية منها في تقدير الخالق وغريزة النجاة وبناء الحياة المادية وما ميز به الانسان عن غيره من اختيار قائم على اجتماع الحواس في تعاون مع العقل المتأمل المتدبر؛ فان انتقلنا من الدماغ السفلي وارتقينا للتفكر والتأمل والتغيير في انفسنا والتخلص مما قد يصنع سوء الظن ويمنع اتخاذ العذر ويصعب الصبر على النوائب فاننا نسير نحو بناء سليم.


المودة والرحمة والسكن ، لا يقومون على الحب من النظرة الاولى ولا التأمل في الجمال الخارجي، هي روحانيات أتمها الخالق في خلقه وزرعها في كلِ منا كي يجد كل زوج زوجه الذي خلقه الله له من نفسه؛ فان الصفاء الروحاني والنفسي يوجهنا للاختيار السليم. للقلب السليم الذي يجاهد نفسه كل يوم وبكافة حواسه الا يسير الا على ما خلقه الله من اجله وان لا يخاف في الله لومة لائم والا يماري، وألا توجهه غرائزه وشهواته. الاختيار السليم والراحة الروحانية قائمة على اجتماع صفات الشريكين، كلما جاهدنا انفسنا في البقاء على طاعة الله واجتناب ان يزوغ القلب ويميل -او حتى اللحاق به حين يميل دون توبة او تراجع او ترك للمعاصي- كلما وجدنا هذا فيمن ترتبط بهم ارواحنا؛ وبمقدار صدقنا مع أنفسنا ومع الله سيكونون.


في البناء وهندسة البيوت البشرية؛ البناء النفسي والروحاني والعقلي هو الاساس، فالرزق المادي آتٍ آتٍ لمن سعى له وهو أسهل من سعي النفس نحو الاستقامة حين نحاط ونحيط أنفسنا بمداخل الفتن؛ وجهة المال الدائمة من السعي، والشهرة، و"الوجاهة" المجتمعية، والديون الاجتماعية التي تقاس حتى على ملامح الوجه، واللحاق بالركب في مجالات الحياة كافة.


كن ربانياً؛ يوجه الله لك كل ما ومن حولك ويسخرهم لك. تنفس بحب، تعلم بحب، اسعَ في حاجة أخيك، كن لله، قوِّم نفسك لله، تأمل حكمة الله من كل أمر، آمن بالخير، تبسم، ستجد في نفسك الصبر والحكمة والسعي وستتعلم الاستقامة والتواضع و الرضى؛ ليكون أمرك كله خير.


خلاصة القول؛


ان البناء يبدأ قبل الزواج بمراحل كثيرة وينتهي الاساس الاول في الاختيار الصحيح والتعرف وتعرية الامور في مرحلة الخطوبة. نلتقي بمشاعر واضحة، بملامح واضحة، بقواعد واضحة، باسس شرعية واضحة، والقانون الرباني لا يظلم أحداً. -اسراء حموري

اسراء حموري

أخصائية علاج وظيفي وأم ومدونة

اضغطي على الرابط للتواصل وللشرح المفصل للمقالة عبر هاشتاغ #هندسة_البيوت


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

أحسنت الطرح بارك الله فيك

إقرأ المزيد من تدوينات أنظر| اسراء حموري

تدوينات ذات صلة