في زمن مضى، وعندما كنا أطفالا، لم نكن نحمل الكثير من الأعباء.. وإن كانت موجودة فهي أنانية محضة..

نادرا ما يفكر الطفل بأحد غير نفسه ورغباته.. وهذا شيء طبيعي..


وفي ذلك الوقت، عندما يتم التخطيط لرحلة ما في صباح أحد الأيام.. كنا نستيقظ من النوم.. نلبس ملابسنا ونركب المركبة.. ونذهب.. كل شيء يكون لنا جاهزاً ولم نفكر أبدا كيف تم تجهيزه ومن ذاك الذي جهزه.. اللباس والطعام ومكان الذهاب.. كل شيء كان معداً، كل شيء كان مفروغا منه.. لم نكن نشعر بالامتنان لمن كان يعمل هناك، خلف الكواليس.. حتى بتنا نحن في ذاك المكان..


في أول تجربة لي هناك.. تعجبت كم هو متعب - وما زلت - وكم كانت والدتي حفظها الله تجتهد بإصرار ولوحدها.. ذاك الوقت لم يكن علي شيء سوى الاهتمام بنفسي فقط.. لكن عندما أصبحت مسؤولة عن أفراد آخرين.. واجهت الحقيقة المتعبة.. حينها فقط شعرت بالامتنان لوالديّ.. تمنيت حقا لو أنه تم اشراكي في ذاك المكان، وذاك العمل لو بشيء بسيط حتى لا أصدم من هذا الأمر، ولا أستهجنه..


وأظن أن الجميع قد أحس بهذا الإحساس خصوصا عندما عادت الدراسة في شهر رمضان - في السعودية خصوصا، لا أدري عن باقي الدول - الذي فارقته منذ أربعة عشر عاما.. فأصبح أغلب "الطاقم" يعملون خلف الكواليس .. فالطلاب ذاك الوقت الذين كان على الفرد منهم أن يهتم بنفسه فقط.. يستيقظ للسحور، يصلي، ينام ويستيقظ مرة أخرى للذهاب إلى المدرسة، يعود فيجد الإفطار قد تم إعداده بطريقة ما.. ينام القيلولة إن كان من أهلها، ثم يستيقظ للإفطار والصلاة وهكذا دواليك..


أما من خلف الكواليس هم الذين أعدوا السحور وأيقظوا النيام مرة تلو الأخرى - وكم سيكون سهلا لو كان الجميع أصحاب نوم خفيف - وأعدوا الإفطار، ولاحقوا جميع أفراد الأسرة ليأكلوا.. ليصلوا.. ليذاكروا.. ليناموا باكرا.. ليستيقظوا.. وجاهدوا أيما جهاد على إخراجهم من المنزل.. وهذا غيض من فيض..


أتمنى من الجميع أن يشركوا أبناءهم بأعمال تلك المنطقة كي لا يستنكروا وجودها أصلا.. وحتى يكونوا ممتنين أصحاب إحساس عالٍ بالمسؤولية.. فهذه الأشياء لا تحدث بفعل السحر إنما بالعمل والاجتهاد..


تحية إكبار لكل من كان يعمل خلف الكوالس حينها، ومن أصبح هناك..


أخبروني عن تجربتكم الأولى خلف الكواليس.. هل كانت سهلة أم كانت بصعوبة ما كانت علي؟!!



سكنات فكر

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات سكنات فكر

تدوينات ذات صلة