إذا لم نجرب لن نعرف، وإن لم نعرف، سنعلق في فخ ماذا لو...


كثيراً ما نسأل أنفسنا ماذا لو... نمر بالشيء ولا نملك الجرأة على تجربته بالكامل، نرسم سيناريوهات مختلفة في داخلنا عن ماذا لو فعلنا كذا، ماذا لو قلنا كذا، كيف سيرانا الناس، كيف سيتعاملون معنا، كيف سيحكمون علينا، هل سنكون كافين، هل سنكون مقبولين، هل سيثنى علينا، هل سنُلام، هل سيتركنا الآخر، وكم من هل وهل وهل تدور في رؤوسنا نتيجة ماذا لو...


لقد تعلمت أن أغامر أن أخذ الأشياء كما هي، وكما يقدمها لي الله، أعيش التجربة للنهاية، فكلنا نعلم بأن لكل شيئ نهاية ولكل علاقة نهاية، حتى وإن استمر الشيئ فإنه لا يستمر لما لا نهاية، هناك حتمية الموت الطبيعية والتي تنهي الاشياء، وقبل أن تنتهي الاشياء والعلاقات، أقدم عليها بجرأة ربما لا تناسب المجتمع أو لاتناسب البعض من حيث الحياة التي أختاروا أن يعيشوها، ومع ذلك أجرب، لا أترك نفسي لماذا لو وإنشاء الفرضيات والسيناريوهات عن ماذا لو فعلت أو ماذا لو قلت، أنا أفعل وأقول وأترك الجواب يأتي مع اللحظة، وأعيشه مع الآن، وحسب ما أعيش أتخذ الخطوة القادمة، بدون تحليل، بدون قياس، أتبع قلبي وفقط...


ماذا لو تجعلنا نقع في فخ المتناقضات، وصعوبة التواصل مع الآخرين، حيث نفكر، ونفسر، ونحلل، ونحسب، ونطور فرضيات، ونبنى نظريات وسيناريوهات، ومن ثم نبدأ بالتصرف بناءاً على الفرضيات التي أوجدناها، ونبدأ بإرسال إشارات خاطئة لمحيطنا، ولا نقول حقيقة ماذا نريد أن نقول، نحن غير واضحين، نترك الآخر في حيرة يلفها الضباب والتي من شأنها أن تؤدي إلى المزيد من الفرضيات والسيناريوهات من طرف الآخر، ماذا لو تقيدنا وتجعلنا لا نمتلك الشجاعة الكافية لنقول الذي نريد قوله، نخشى أن نخسر إذا ما تكلمنا وأخبرنا حقيقة ماذا يجول في خاطرنا، كيف بإمكاننا أن نعرف بأن ما قمنا بفرضه وتحليله هو فعلاً صحيح، هنا نحن نصبح غير عادلين بالنسبة للآخر، وأسأنا الحكم عليه وأسأنا الحكم على الطريقة وردة فعله التي ستكون إذا ما تكلمنا حقيقة ولم نقل ماذا لو...


فقط تجرأ، وتجاوز مخاوفك لتكون على الأقل عادلاً ومنفتحاً مع نفسك ومع الآخرين، تكلم عن مخاوفك، أفكارك، مشاعرك، آمالك، طموحاتك، إنغمس في الأشياء والعلاقات حتى آخرها، ولا تترك نفسك لماذا لو، فكر قليلاً، ما هو أسوأ احتمال نحن البشر نخافه ولا نريده، أن يُقال لنا "لا"، لماذا، لأن كلمة "لا" مرتبطة بغرور النفس ووهم الذات، فلا نتقبل الرفض والخسارة لأنها تكسر الغرور وتهد الوهم، وهو ما جهدنا طوال حياتنا في تكوينه لأجل الحياة في مجتمع فرض علينا صورة معينة من العيش، ونمطية مصممة لا يستطيع معظمنا الخروج عنها ويتميز في وسط المجموع...


أترك نفسك وعش اللحظة وقل ما تريد فعلاً وأفعل ما تريد فعلاً وتقبل أحياناً أنك سترفض، ولكن لا تعيش في فخ ماذا لو، ربما ستخسر أكثر في عدم البوح، ربما ستتفاجأ من ردة قعل الآخر، وستعرف ما هو غير متوقع...


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات تجربتي... ريم القدح

تدوينات ذات صلة