وددتُ لو أني وضعتُ كل حواراتي الفكرية معه جانباً، وددتُ لو أني وضعتُ حديث البحث والدراسة فقط في الكتب، حتى أستطيع أن أخبره ببساطة متى اشتقتُ له...
هاتفني صديقي: ماذا تفعلين؟!!
- أقرأ كتاباً
- ضعيه جانباً وانهضي، سأمر بكي
- جاهزة
جلسنا سوياً على الرصيف نتحدث، ووجدني قد غبتُ عنه...
أمسك بيدي وضغطها بشدة وقال: هاتي ما عندك...
ضحكتُ: هل تعلم بأن هناك صارع دائم ما بين الشغف والسكينة؟ هل تعلم بأنه إن حضر أحدهم غاب الأخر؟
قال لي: ما هو الشغف وما هي السكينة؟
ابتسمت: الشغف هو الحب، والسكينة هي الصداقة، وإن حضر أحدهما غاب الآخر، من السهل ان تنتقل من السكينة للشغف ولكن لا يمكنك الانتقال من الشغف للسكينة، الشغف جنون، حالة دائمة من المغامرة، حالة دائمة من اللا متوقع، هو العيش على حافة الخطر، جرعة زائدة من الأدرينالين يجعلك تقفز سعادة، وتثور غضباً، وتأن غيرة، وتأكلك نيران العشق، بُعد وقرب، فراق ولقاء، وحد سكين جاهزة للذبح، السكينة هدوء، سلام، تعرف بأن هناك شخص موجود لأجلك رغم كل شيء، أنت تعلم بأنك ستذهب إليه لترتمي بين ذراعيه، وتضع رأسك على صدره وتفغو وتستسلم للراحة، تعرف بأنك لن تخسر شعور الأمان والاطمئنان...
ابتسم صديقي: وأين هو منكي وأين أنتي منه؟
هززتُ كتفيّ بأن لا أعلم...
نظر إلي باستغراب: وماذا تريدين؟
- هل تريد جواب العقل أم الجنون أم الطمع؟
ضحك وقال: طمع؟!! وما الثلاثة؟
- العقل يقول أنني أريد السكينة، والجنون يقول بأنني أريد الشغف، والطمع يقول بأنني أريد الإثنين...
ابتسم: وماذا أيضاً؟
- لست أدري، وددتُ لو أني وضعتُ كل حواراتي الفكرية معه جانباً، وددتُ لو أني وضعتُ حديث البحث والدراسة فقط في الكتب، حتى أستطيع أن أخبره ببساطة متى اشتقتُ له، وكم هو وسيم، وبأن قميصه الأبيض يعجبني، وبأن ابتسامته تسعدني، وبأن وجوده يبهجني، وددتُ لو لمستهُ، ووضعتُ يده بين يديّ، وأسندتُ روحه بوجودي... لكنني لا أجروء على ذلك، وربما هو يدري ولا يريد، أو لا يدري ويريد، أو لا يدري ولا يريد، أو يدري ويريد...
- للآن لم تتصرفي بجنون، كيف ذلك؟
ابتسمت: ما أقوله الآن جنون، وما أفعله الآن جنون...
ضحك وقال: لم ينفجر البركان بعد...
غمزته وضحكت: يمكنك المراهنة على ذلك، وأنا أول من سيحترق وينير...
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات