ولكنني سأترك الحمق والعقل جانبا الآن وسأستفيض بعض الشيئ في وصف العلة ..


خطرت لي يوما فكرة حمقاء .. أن أدون ما عاصرته -ولازلت اعاصره- مع القلق .. عل الترهات التي القيها بين أحضان الحروف تخرج أخيرا من دماغي وتملأ كتابا او ما شابه .. وهناك الكثير من الحمق في مثل هذه الفكرة التي اقترحها علي عقلي المعتل .. ولكنني سأترك الحمق والعقل جانبا الآن وسأستفيض بعض الشيئ في وصف العلة ..


حسنا .. ها أنا أقولها .. أنا مريضة اضطراب قلق مزمن .. منذ سنين لا أعرف عددها .. ويبدو ان القلق قد شعر بالوحدة بداخل رأسي فقرر أن يتزوج، ليبدأ مع الاكتئاب اسرة صغيرة من الاضطرابات النفسية .. والحقيقة ان القلق لم يحب الظهور من خلف ستار عقلي الباطن ومخاوف احلامي إلى خشبة مسرح عقلي الواعي إلا حين تم هذا الزواج .. بل ان القلق ظهر جليا بعد ظهور الاكتئاب بشهور عدة بالرغم من أنه هنا منذ زمن بعيد .. وفي الواقع اعتقد أن شخصا غيري كان ليكرس حياته للتخطيط للفتك بهما وبأسرتهما اللعينة القابعة في غرف رأسي بوضع اليد -لأنهم حين سنوا قانون حماية حقوق الملكية الفكرية لم يخطر في "فكرهم" أن العقل ايضا من "الممتلكات الفكرية" وأن اغتصابه أو استيطان جزء منه يعد جريمة حرب- .. ولكنني تصالحت مع الواقع حيث انه لا فكاك من هذا الاحتلال الناعم لهذا اصبح أقصى ما اتمناه أن يقررا الانتقال للعيش بعيدا عني .. أنا لا أفهم! ألا توجد رؤوس أخرى تملك شرفة بحرية وعدد كبير من الغرف المطلة على العالم تكفى لهم؟ .. ولم يمكن لعائلة سوية ان تعشق العيش والانتماء لداخل رأس بنت في منتصف عشريناتها في بلد نامية تصارع فقط لتنام ثم تصارع ايضا لتستيقظ؟ .. حسنا اعتقد انني قد تدخلت في شؤونهم العائلية أكثر من اللازم .. أنا فقط أريد استرداد حقي في غرفتين او ثلاث من غرف دماغي بدلا من عيشي فقط في هذا الحيز الضيق من الباحة الخارجية!!


عندي أصوات في عقلي .. وهذا حديث آخر .. ولكن صوت ما من الأصوات القابعة هناك تقول لي متعجبة وهي تنظر لعيني في المرآة .. بإمكانك التخلص من أي زوار ثقيلي الظل بقليل من التصميم .. فقط قرري ألا تسمحي لهم بالبقاء مرة أخرى .. وفي حالتك يكفيك فقط ان "تقرري التوقف عن القلق" وتكونين قد صرت حرة من أن يجثم احدهم او جميعهم فوق صدرك مرة أخرى!!! .. ليت الأمر بهذه السهولة ..


لا أذكر وقتا في حياتي كنت فيه فعلا أملك حريتي من فكرة سوداوية تسيطر علي وتمنعني من النظر أبعد من اليوم الذي أعيشه .. لأ أملك أي أثر لذكرى تثبت عيشي يوما حياة عادية لا يغلفها الخوف من كل ما لا أعلمه ..


أنا لا أملك رفاهية أن أحلم بالمستقبل في يقظتي وما يأتيني في أحلام نومي لا يمت لحقيقة حياتي بصلة .. إلا حلم وحيد متكرر اعتقد أنني سأذكره لاحقا لما يحمل من دلالات نفسية مزعومة..


أذكر استيلاء نوبة قلق على رأسي بالكامل في آخر يوم من آخر شهر من عام 2016 .. ولكنني أعلم أن هذه لم تكن البداية، انها فقط البداية التي أذكرها .. وحين نال مني اكتئابي وبلغت قاع الحياة وقمة اليأس في آن .. ساعدتني أمي لزيارة طبيبي النفسي لآول مرة في الثالث من مارس من عام 2018 .. تم تشخيصي حينها أنني مصابة بمتلازمة الاحتراق النفسي مصحوبة باكتئاب سريري عنيف .. بدأت على إثر هذه الزيارة في تناول مضادات للاكتئاب ومهدئات تساعدني على النوم .. كان جسدي هزيل جدا حينها فكان المهدئ محدود المفعول الذي وصفه لي الطبيب يتسبب في نومي ما يقرب من عشرين ساعة في اليوم .. واصحو لتناول ما يبقيني حياة ثم أعود للنوم من جديد .. وأذكر أيضا أول استيقاظ من نوم طويل يشبه الغيبوبة ..

أذكر انني نهضت بصعوبة من فراشي وذهبت لأنظر في انعكاسي في سطح زجاجي ما .. وراعني ما وجدت هناك ....


يتبع..


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات كلام ماتكتبش

تدوينات ذات صلة