واحد .. اثنان .. ثلاثة .. اربعة .. خمسة .. ستة ..



عمت صباحا ايها الكوكب التعس ..


اربعة عشر ..


اذكر لي يا عقلي العزيز مأساة اكثر بشاعة من الاستيقاظ كل يوم في مثل هذا المكان الحزين .. ولا اقصد هنا هذا الكوكب الفاسد .. ولا قصدت ايضا تلك البقعة المريعة منه ..


خمسة وعشرون ..


دعني اخبرك حكاية قبل أن افصح لك عن الذي اقصده بكلامي ..


سبعة وعشرون ..


ماذا تعني لك لفظة "أناقة"؟ .. لا اتوقع منك اجابة مفيدة بعيدة عن مهاتراتك المعتادة ومحاولاتك للتفلسف الفارغ .. إذن سأجيب انا .. أناقة هي لفظة بصرية بالنسبة لي .. تجعلني أرى فتاة عشرينية .. ترتدي قميصا أحمرا مفتوحا يظهر جمال جيدها وهذه القلادة التي تحول ما تكشف من جسدها للوحة فنية .. كما يصل المنظر حد الكمال بتلك التنورة ذات النقوش الرقيقة التي لا تخلو من الأحمر في تناسق مبهر ..


اربعة واربعون ..


تراك تسأل نفسك التي هي نفسي .. عن سبب حديثي الغريب هذا ..


ستة وأربعون ..


حسنا دعني اعيد على مسامعك ما قضيت سنيني الماضية اقوله لانعكاسي في المرآة كلما اصطمدت به رغما عني .. إن صورتي التي يراها الناس كلما خرجت من غرفتي إلى العالم، حتى لو رفضت انا مقابلتها في الصباح بسبب هذا العذر أو ذاك .. يتجلى القبح فيها بشكل لا يمكن احتوائه


واحد وخمسون ..


هذا القبح الخالص المتمثل في هيئتي الخارجية .. يتلخص في وزن يزيد بعنف بلا كلل او ملل .. لن ألعب دور الضحية هنا .. لأنني في الحقيقة أدعم هذا السلوك المنحرف لمعدل حرقي للدهون بتناولي احزاني مغطاة بالجبن والبهارات ووحدتي الغارقة في الشوكولاتة .. لينتهي بي الحال وقد اذهب خمر الدمع عقلي مصحوبا بفتات ثقتي بنفسي وبالعالم ..


ستة وستون ..


جميل هذا العالم الذي يرحب بوجودي بتدليلي من قبل أناس لا اعرفهم .. فتارة بنعتي ب"البرميل البشري" .. وتارة بمناداتي ب"دبدوبة التخينة" .. كم اشعر بالدفء بين هؤلاء الغرباء المحبين ..


اثنان وسبعون ..


هذا الفيض من المحبة .. ينسيني انني شخص سقط من حسابات جميع مجموعات البشر .. او كما احب انا ان اصف الوضع .. لقد حال وزني دون امكانية دخولي في اي قائمة من قوائم الاصدقاء لأي فرد يعيش على وجه البسيطة .. أرغب في تقديم مقترح لحكومة العالم بتوسيع ابواب القوائم لتتسع لافراس النهر البشرية من امثالي ..


ثمانون ..


وأن يقبلوا اضافة خط جديد لخطوط الموضة المتعارف عليها يحمل اسمي .. هذا الذي يتلخص ببساطة في ارتداء قميص "كاروهات" يختلط فيه الاحمر بالاسود فوق بنطال "مقلم" بالبني والاخضر .. ليس من أجل جمال المنظر ولكن لتكف الأعين فقط عن ملاحقتي صارخة في وجهي بغير كلام أن اعمل على تحسين ذوقي او التنحي عن اختيار ملابسي موكلة هذه المهمة لشخص آخر يملك نظرا غير منتهي الصلاحية مثل نظري ..


واحد وتسعون ..


اريد فقط ان اقول .. انني لم اختر ارتداء هذا على ذاك .. انا فقط لا اجد في قياسات الملابس ذات الاسعار المعقولة ما يناسب وزني الكارثي إلا فيما ندر .. لذلك انا لا أملك رفاهية تلك "الأناقة" التي حدثتك عنها منذ قليل .. كيف لي ان ابرر مثل هذه المأساة لكل عين تصبغ الوجه الذي يحملها بالتقزز كلما وقعت على مظهري؟؟ ..


مئة ..


مئة شخص مروا بجانبي اليوم في طريقي من البيت إلى العمل الذي يستغرق نحو النصف ساعة .. مئة انسان في نصف ساعة .. مئة لم ولن يعرفونني .. لأنني وبالرغم من حجمي الاقرب لحجم الأثاث منه إلى البشر اغدو شفافة لعيونهم .. مئة شخص في نصف ساعة .. وأنا وحيدة .. لا اعلم متى اكتسبت تلك العادة البشعة في احصاء الغرباء المارين بجانبي كل يوم في الطريق .. ولكنني اقع الآن اسيرة لمثل هذا السلوك ... ليذكرني كم ابدو في كل ما يتعلق بي .. تعريفا دقيقا لكل ما هو ليس "انيقا" .. لكل ما هو غير مرئي ووحيد ..


حتى انني صرت اشعر ان هؤلاء المئة لم يمروا بجانبي بل من خلالي .. مئة انسان مروا بهذا المكان الحزين الذي قصدته في بداية حديثنا .. الذي هو جسدي الكريه .. شعرت بعيونهم تخترقني وبرودة احاديثهم الداخلية تزيد جبال الجليد في احشائي .. مئة انسان مروا من خلالي ولم يدرك اي منهم انني موجودة .. لي قلب خلف كل هذا الشحم .. قلب يمكن ان يلمسوه .. ولكنهم لن يفعلوا ...


مئة وواحد .. مئة و.....






ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

و للاسف هكذا تعاني كل مراة بدينة فلا تستطيع الهرب من انظارهم التعيسة
ابدعت و بالتوفيق

إبداع يأسر حتى آخر حرف

إقرأ المزيد من تدوينات كلام ماتكتبش

تدوينات ذات صلة