أتمنى أن تكونَ بصحةٍ عقليةٍ و نفسية جيدةً دائمًا ، و لكنْ هُناكَ سلوكٌ تفعلهُ يوميًّا بلا توقف قد يودي بك مع بعضِ الأسباب الأُخرى ،

لأن تكون بصحة نفسية معتلة .

كما انتشر الوعي بالاكتئاب في الآونة الأخيرة ، و انتشرَ معه أنواعه و كيفَ ينقسم لاكتئاب لأسباب كيميائية عضوية و أُخرى أسباب نفسية .

لكنْ ما أطمحُ له اليوم ليس الاكتئاب العضوي بالطبعِ .

سأحدثُكَ عن طريقٍ قد يمهدْ لكَ الطريقِ للشعورِ ببعضِ الاكتئاب و نوبات القلقِ ، و في بعضِ الأحيانِ و المجتمعات قد يكونُ طريقًا للانتحار .


دائمًا ما كنتُ مؤمنة بأن لمواقع التواصل الاجتماعي كفة ثقيلة في أسباب التقلبات المزاجية التي نُصابُ بها .. أعتقدُ بكلّ جوارحي أنّها من مسببات القلق و الاكتئاب.

و لكن ما جعلني أبحثْ و أكتب لكم اليوم بالدراسات البحثية و الأرقام ، هو خبرٌ قرأتُه في إحدى الصفحات على الانستجرامِ لمقيمة في اليابان ، تُخبر بعودة ظهور أعداد الإعجابات على منشوراتها بعد انقطاع دام لسنوات .

في بادئ الأمر قد يكونُ لكَ تحديثًا عاديًا لتطبيقٍ ما .

ولكنَ حينَ تعرفْ أن انستجرام اليابان قد أخفى هذه الخاصية من التطبيق عندما لاحظَ ارتفاع أعداد المصابين بالاكتئاب و ازديادا في معدلات الانتحار ، لكثرة المقارنات و حبّ الإعجابات ، ستتفهم لما تغير دولة كاملة سياسة ما في موقع من مواقع التواصل الاجتماعي ،ستتفهم كيف أنّ هذه المواقع الزرقاء هي أبواب مفتوحة لتوصلك و لو بقدرٍ صغير من بعض التقلبات المزاجية .

بعضِ الدراسات أوضحت أنّ الأشخاصِ اللذين يتصفحونَ مواقعِ التواصل الاجتماعي قبل النوم هم أكثر عرضة للاكتئاب و اضطرابات النوم و الساعة البيولوجية .

و في دراسة بجامعة بنسلفانيا ، أوضحت أن الأشخاصِ اللذين يقضون ساعات أقل و يهدرون وقتًا أقل على مواقع السوشيال ميديا ، همّ أقل أعراضًا للاكتئاب و شعورِ بالوحدة من غيرهم من ممن يقضون وقتًا أطول .

و في بعضِ الدراسات كانت الأسباب التي تجعلني أكتب هذا المقال وأنت أيضًا إذا كنت مستخدم شره السوشيال ميديا ستعلم أن هذه الأسباب قد تكون مسببة لتقلباتك المزاجية ..

فاخبرت الدراسة أنّ الإنسان قد يشعرُ بالوحدة أو عدم قيمة الذات و أهميتها .. حين يرى أصدقاؤه في مكانٍ جميل و لم يدعوهُ إليه احدهم ،أو لم يكترثوا بوجوده أو عدمه معهم .

هذا شعورٌ لا ارادي سيتداعى إلى نفسك حين ترى أصدقائك يمرحون و أنت لم تستطع الذهاب لسبب أو لآخر .

و أيضًا شعوركَ بالوحدة و المقارانات الواهية بينَ العلاقات و منشورات الحبّ و التجارب و الفيديوهات المصورة للازواج أو الأصدقاء أو الإخوةببعض التجمّل ، قد تكون سببًا لطرحِ سؤال في نفسِكَ أيضًا أنت لا تشعر به : (لمَ لا أملِكُ مثل هذا؟) .

تلك هي المقارنات التي تستنزف عقلك و صحتك النفسية ، بالإضافة فقد تكونِ مثل تلك المنشورات هي أيضًا كذبة و تصنع فقط لجذب أكبرعدد من المشاهدات و هنا قد وقعنا في دائرة مفرغة من العقد النفسية البحتة .

و أبسطُ الأشياءِ عندما تنشر صورةً لك ، قد تنتظِرُ بفارغِ الصبرِ عداد اللايكات بالازديادِ و تنظر ما يصيبه كلّ دقيقة و تبحثُ بكل شراهة عنالتعليقاتِ ، ثمّ تأخذك اي دوامة هلامية من القلق اللاشعوري حولَ ( من أعجب بهذه الصورة ؟ )

من لم يعجب بها بعد ؟!

لماذا فلانٌ أعجب بهذا المنشور و لم يعجب بمنشوري، و لماذا علق هذا و لم يعلق على هذا..

لتدخل في دوامات من القلق مع كلّ ضغطة زر للنشر.

فقد أوضحت الدراسات أيضًا ، فعالية السوشيال ميديا لتجعلكَ تبحثُ عن قيمة ذاتك وراء الإعجاباتِ ، و ليسَ المعاني الطيبة و نفسك القوية وذاتُك الواقعية .


When reviewing others’ social activity, people tend to make comparisons such as, “Did I get as many likes as someone else?,” or “Why didn’t this person like my post, but this other person did?” They’re searching for validation on the internet that serves as a replacement for meaningful connection they might otherwise make in real life.



و دراسة بريطانية عام 2018

ذكرتْ أنّه قد يكونُ هتاكَ علاقة بين الإفراط في استخدام السوشيال ميديا و بين اضطرابات النوم و الشعور بالحزن و هي من أعراضالاكتئاب ، و أيضًا قد يكون سببا بضعف الأداءِ الدراسي لدى الطلاب،

و قد ربط بعض الأطباء القلق و العوامل المؤثرة نفسيًّا ، ببعضِ الأعراضِ الجسدية كألم العضلات و الصداعِ و الشعور بالغثيان.


و بعيدًا عن الدراسات و الأرقامِ و الأبحاثِ الطبية ، فتجربة عملية لكَ ، أطفئ جهازك المحمول و انعزل قليلًا عن العالمِ الافتراضي بكلّ أدواتِه..

أعتقدُ أنّكَ ستشعر بتحسنٍ كبير جدًا ، و ستحظى ببعضِ الوَقتِ الفائض الذي يمكن أن تمارس فيه بعضَ هواياتك و الذي كان يفيضُ هذرًاأمام الشاشات المضيئة ..

شخصيًا ، فإن حالتي النفسية تتحسن كثيرًا عند الابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي ، و عن تقلباتِ الأخبارِ ، التي تتقلب لها مشاعركأيضًا ، فرؤية منشور وفاة يتلوه منشورُ زفاف ، ليسَ تمامًا ما تبحثُ عنه ، فتتقمصَ دور الحزين ببراعة ثم تتقمص دور السعيد بلا مبالاة !

تراكم مثل هذه المشاعر و تقلبها ليس صحيًّا ، كشخصٍ حساس يستنفذ نفسه بين الشعورِ بما يشعر به الناس ... لا أستطيع بالطبعِ مواكبةهذه الأحداثِ بالمرة .

و أخيرًا و ليسَ أخرا .. كل شيء سلاح ذو حدين ، حاول أن تستخدمَ الحدّ الصالح و تكسر النصل المؤذي ، ابحث عن المفيدِ في مواقع التواصل الاجتماعي و ابتعدْ تماما عن سيائتها متذكرًا قول الرسول صلى الله عليه و سلم : ( رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: “لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ

فسنسأل عن أعمارنا فيما أفنيناها ، فلنعمل لهذا الجوابِ ، و لألا تكونَ الاجابة هي بين التصفح على مواقع التواصل الاجتماعي ..


قد لا تكونُ السوشيال ميديا سببًا واضحًا بالطبع أو سبب الاكتئاب و لكن حتمًا و لابد أنّ هناك علاقة ما ، أو قد تستطيعُ فقط جعلك على الهاوية .

فتقليل عدد ساعاتك التي تقضيها على هذه المواقع كفيلة لتحافظ على سلامتك العقلية و النفسية بالتأكيد .



مريم طه
إقرأ المزيد من تدوينات مريم طه

تدوينات ذات صلة