انفرط العقد و تبعثرت أجزاءه علي الأرض محدثة صوتاً موسيقياً كمعزوفة كلاسيكية.

نظرت الفتاة في حيرة فكيف ستجمع البلورات المتناثرة ، هل سينقص منها شيئاً ؟! و بدأت تلملم في حذر و يقظة. و بعد جمعها في كفها سقطت منها مجدداً، فصرخت " أمي ! ما هذا الهراء !" و بدأت المسكينة بجمع البلورات مرة أخري و هذه المرة وضعتها في صندوق حتي لا تسقط مثلما حدث في المرة السابقة. جاءت بخيط للعقد غير الذي انقطع وشرعت في صنع عقدها إلا أن حين أنهت العقد بات غير ذي قبل. عقداً جديداً رغم أنها حاوت تقليد الذي انفرت إلا أن ذاكرتها خانتها وتفوق عليها حدسها. قد تكون الألوان و البلورات نفسها و الخيط نفسه إلا أن الترتيب أدي إلي خلق عقداً جديد.لتو التقتت أنفاسها بعد الفوز بقطعة بلورية رائعة. كانت قد يأست منذ يومين بأنها لن تجد ما تزين به عباءتها السحرية خاصتها. انتفضت فور سماعها الصوت الموسيقي لتساقط البلورات علي الأرض. فباتت تتراقص علي الإقاع محاولة التقاط واحدة بأقصي سرعة ممكنة. من قلب السقطاتين ، التقتت الفأرة بلورة زاهية. كانت تفكر أين تضع الماسة الامعة في عباءتها ، تري انعكاسها و تفكر، أ حقاً ؟تلك العباءة تمثل لها الكثير من الأمان و الأمنيات. كانت تقول الجدة إن العباءة هي أمان الفئران. فمنذ زمن بعيد ، كانت الفأرة الكبري قد فتنت بعباءة السيدة حيث استوقفها جمالها و نقشاتها و خاصة تلك البلورة العظيمة الامعة في المنتصف. ظلت تحدق من الزجاج تفكر ماذا تكون يا تري !! أ حقاً النجوم قد اتخذت العباءة بيتاً لها ! فقررت دون تردد أخذ فاتنتها و الاحتفاظ بها. فبدأت بجد قطع الخيوط و أخذ القطعة الفريدة. و بدون أي سابق انذار ، صرخت السيدة " فأر، فأر !!!" لم تكترث الفأرة الكبري إلا لتأخذ عباءتها الفاتنة علي ظهرها راكضه بأقصي سرعة. و سرعان ما بدأت السيدة بقذف ما تجده أمامها صوب الفأرة الكبري. التفتت الفأرة الكبري خلفها إذا بالقط المدلل يركض نحوها بشراسة كالجندي في المعركة. ما إن نظر القط إلي البلورة العظيمة ناظراً إلي انعكاساته في تقاسيمها ، فتقهقر إلي الوراء فزعاً. نجحت الفأرة الكبري بالفرار بعباءتها. و منذ ذلك اليوم، أصبحت الفأرة الكبري ذو صيت و مكانة عالية ، تُروي حكايتها بين معشر الفئران. أصبحت رمزاً للجسارة والتحدي و عباءتها جزءاً لا يتجزء منها. فلم يراها أحد إلا و هي مرتدية عباءتها النفيسة. تناقل بين معشر الفئران أنه يجب علي كل فرد أو عائلة امتلاك عباءة كعباءة الفأرة الكبري حيث أنها الأمان و الحماية لهم. و بدأت كل عائلة حياكة عباءتها الخاصة و التنافس علي جمع أكبر عدد من البلورات أو ما يصلح أن يُضع في العباءة مثلما تبحث وتجمع قوتها. حاول عدة أفراد حياكة عباءة كعباءة الفأرة الكبري و حاول آخرون بيع العباءات زاعمين علي أنها علي نفس طراز عباءة الفأرة الكبري. ولكن أي منهن ؟! لم يري أحد العباءة منذ أن مرضت الفأرة الكبري مُتخذة إياها مفرشاً لسريرها و أمرت ايضاً أن تدفن في قلب عباءتها. فلم ينقل لهذا الجيل من معشر الفئران إلا ما تقصه الجدات و الأمهات. فكرت الفأرة للحظات؛ أيعقل أنها وجدت البلورة ذاتها ؟ أ من الممكن أن تكون عباءتها الأجدر و الأحق من بين كل العباءات ؟


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات فاطمة طارق

تدوينات ذات صلة