لا تربط السعي بالنتيجة فلا تشقى ولا تحزن، بهذه العبارة بدأ جدي حديث ثلاثِ ساعاتٍ
ما ظننتُ أولاً أنهُ سيتبعها بشيءٍ فقد كانت أشبه بكتمٍ لصوت العالم كله، ما عاد في العالم إلاي أقبع مكاني والظلمةُ تحفني وجُملة جدي معلقةٌ في المسافةِ التي بيننا هو وابتسامتهُ التي لم يهزها ما قالَ ولم يُغيّر فيهِ خطًا!لم أفهم، لم أستطع الفهم، كيف لا أربط المكان الذي أقصدهُ بالطريق الذي أنا قاصدهُ فيه؟كيف لا علاقةَ بين الحدثِ وسلسلة الأسباب التي قبلها؟أمطار أسئلة توالت، وكلها تنفي ما قال، فرددت حازمًا بعلو صوتي وقلتُها كلها،سكت.أتجدُ دومًا ما تدعو له؟ لا. أتجدُ دومًا ما تبحثُ عنه؟ لا.كيف تعرف إذا كان ما أنت فيه خيرٌ أو شر؟ لا أعرف.اسمعني، نحنُ عبادٌ ولمّا يؤمن العبدُ يعرف.الفكرةُ بالموازين، نحنُ محدودون بالسماء والبحر والأرض، علونا بعضُ الغيم و مناراتُنا نجوم، إذا ضاقت علينا الأرض سبحنا في الماءِ وإذا انتهى الماءُ صعدنا أرضًا وجففنا ما علق فينا، لا طيرٌ يعرف ولا شيخُ مسجدٍ مُلتزمٍ يعرف ولا أُم اليتامى العفيفةُ تعرف ولا جارنا الكهل يعرف ولا قاطعةُ الطريق الكفيفةُ تعرف ولا أكبر تاجرٍ يعرف ولا المصلي ولا المزكي ولا واصل الأرحام، لا أحد في كل محدودية هذا الكون الجلي يعرف..نحنُ إذا ما أردنا الطمأنينة سألنا السكون وإذا ما هبط علينا خِفنا وأكلتنا أفكارنا السودُ و إذا ماسألنا القوة ووضعنا في شديدٍ خِفنا و بدأنا نبحثُ عن مكانٍ حيثُ العتمةُ فيه توارينا، أنصت إليك ولبِّ، وادعُ، ورتل، وآمن.. فالمؤمنون هم وحدهم الذين يعرفون، لا بماهية الغيب إنما بطبيعيّة حدوثهِ.في تسلسلِ الأحداث هنالك عناصر والعناصرُ "مجموعةُ" من كثير منها الجمادُ كحجرٍ أو غصنٍ في الطريق ومنها الحيُّ مثلَ قطةٍ أفزعتك لمّا قفزت بمحاذاتك تنوي العبور لا الأذية ومنها أنت و جارك وأنا وصاحبُ الكشكِ والمصورُ العابر وساقي الحديقة كلنا لمّا نلتحم نكونُ حدثًا لا بفعلٍ جللٍ بالضرورة فلربما دوري في هذا الحدث يقتصرُ على الكلام أو النظر أو حتى السير بهدوءٍ، ليس شرطًا أن أحد العناصر ضمر الشرّ أو الأذية ولكن وبطبيعة الأحياء يود كل منهم أن ينتزع بطولة الحدث وزعامته وهنا ينقسم المشاركون واحدٌ مساعد البطل وواحدٌ عدوهُ لأنه أبى وواحدٌ رفض المشاركة أصلاً وآخر لا يعرف بوجودكم، هكذا هي الدنيا ساحاتٌ وفي كل ساحةٍ جمع فإذا مررتهم وتناقلت بينهم لا تحمل عليهم ولا تؤذيهم ذرهم وما فيهم أو أصلح بينهم على مقدرتك.أنت لست مسؤولاً عن كل الدنيا ولا حتى عن جُزء فيها بقدرِ ما أنت مسؤولٌ عنكُ وعن مجرى طريقكُ، تعرجاتهِ ومضايقيهِ التي إن لم تتجاوزها - وحدك- ستضل أو تختنق!يا بُني، من ربتَ على كتفك مرةً اشكرهُ ومن ربتَ مرتين فغصب عليه ومن ربتَ ثلاثًا ففارقهُ فراقًا جميلاً فهذهِ الدُنيا لا ترحمُ ضعيفًا ولا تنصفُ مظلومًا ولا تصفحُ لفقيرٍ، مات أُناس العدل والرحمة ولم يكن منهم أحدٌ ما لم تكن أنت في قرارةِ نفسك تعرف، وتفهم، وتؤمن، وتبحث، وترضى..فالرضا مهمٌ، لا يجتزئ منهُ كلمة ولا موقف ولا يُعطى أي فعلٍ فيهِ استثناء فكلها سلاسل مترابطة لا تحاول فكها وإلا أهلكتك، خذها كلها دفعةً واحدةً، تقبلها كواقعٍ لا كحلم واجهها اغضب عليها اصرخ فيها إن شئت، هي لن تتغير سيظل "أ" يسبق "ب" إلى أن يشاء الله، وإلى أن تقوم من مكانك ذاك.أنا لا أقول أن المحاولةَ ٢ هي نسخةٌ عن المحاولة ١ أبدًا فالزمان تغير وبتغير عنصرٍ واحد فقط ينفي التطابق التام، لذا حاول ما استطعت ابذل نفسك في أرض رحبة افني عُمرك وأنت تقع وتقوم، اذهب حيث يُبصر قلبك وأصلح حيثُ أردت مسكنًا وطب بجلاسك حديثًا وعلمًا.. عِش وفُز بهذا الاختبار فوالله اقتربت.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات