بقايا لأمل.. تلك الوجوه التي رحلت وتركت لنا ماتركت!
هدأت حياة وانغ أخيرًا، لكنها لم تكن مرفهة أبدًا، إذ أنفق كل ما يملك تقريبًا على تعليم أولاده في مدارس دولية خاصة. تعلم ثلاثة منهم في مدارس فرنسية، وثلاثة في مدارس إنجليزية، وتعلم الاثنان الآخران في مدرستين إيطالية وألمانية. ورغم أن وانغ كان ذو إنتاج فكري، وتعلم على يديه كثر، لم تفارقه الخيبة. فمثلًا، أنهى الرجل ترجمة القرآن إلى الصينية، لكنه فقد حقيبته التي حوت الترجمة ولم يعثر عليها أبدًا.
كانت الحياة ثقيلة على وانغ رحمه الله، وبعد أقل من ست سنوات من وصوله إلى إسطنبول، مات بأزمة قلبية أثناء وجوده في الجامعة يوم الثلاثاء، الثامن عشر من يناير عام 1961.
حتى وقت قريب، كانت السيدة فاطمة وانغ تعيش في حي سارايير في إسطنبول، ولا أدري ما إذا كانت لا تزال على قيد الحياة، قد تكون الآن ناهزت المئة. الآن، يعيش أبناء وانغ وأحفاده في بلدان مختلفة، ابنته روزي، أكاديمية مرموقة، تعمل في ماليزيا على دراسة المجتمع الصيني المسلم في المهجر، وتعيش ابنته مقبولة في تايوان مع زوجها، ويدير ابنه عيسى سلسلة المطاعم الصينية التي تمتلكها العائلة الآن، وتعيش ابنته ناريمان في المكسيك، وبقية أبنائه حليمة، وقربان، وسعادت، وفريدة يعيشون في مناطق مختلفة في تركيا.
بعد خمسة أيام من رحيل وانغ، في الثالث والعشرين من يناير، كتب صديقه طوقان -الذي تحل ذكرى وفاته اليوم قبل 51 عامًا للمفارقة- في رثائه:
"تمنى جلال الدين أن تكون إسطنبول محطته الأخيرة، وأراد أن يموت هنا. للأسف، تحققت أمنيته سريعًا. لم يغتر جلال الدين أبدًا، لقد كان رجلًا متواضعًا حقًا. كان يتجنب الحديث عن الأهوال التي عاشها من أجل تربية أبنائه. يوم الثلاثاء، كنا نتحدث عن جدول محاضراته قبل درسه في الساعة الثانية ظهرًا. لكن خلال ساعة واحدة، تغيّر كل شيء. يرحمه الله."
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات