هكذا هو شعور الخيبـة حينما يتخلل عقولنا، نصاب بأزمة الخذلان، علّنا نعود إلى رشدنا وننسـى.

عادَ ليكتبَ في إحدى مذكراتِـهِ.. ولكـنّهُ هذهِ المَـرة عـادَ بكلِّ مشاعـره.. بشعـور الأمـلِ الذّي يرافقـه خيبـةَ مُحـبٍّ.. بشعـورِ الفـرحِ أيضاً يرافقـهُ حُـزنَ النسيـان.. بدأَ قـولهُ مستذكراً إحـدى العبارات الّتي قد قرأهـا سابقـاً :

" إنّهـا الخيبة يا عزيزي، إذا أصابت قلباً هدَمتْ مشارِقَـهُ ومغـاربَـهُ..."

أخـذ تنهيـدةً من أعمـاقِ ذاتـه وبدأ يسـرد قائـلاً...

" أتيتُ بكلَّ مشاعري مندفعاً وقد كنتُ أعاني الوحـدةَ.. أتيتُ بكلِّ قوايَ المدفـونةِ.. بعد أن كنتُ بعيداً في منعزلٍ عمّن هم حولي.. لقد كانت هذه المرة الّتي أتجـرأُ فيها وأُعلـنُ عن مشاعـري.. لم يكن أمراً سهلاً كما يظنُّ البعض.. فأنـا ذلك الّذي تشبّعَ خيباتٍ متتالياتٍ.. تآكلَت النيرانُ في داخلي.. نيرانُ الجفا.. كانت هذه المرة الأولى الّتي حاولتُ فيها أن أتنازلَ عن قوانيني الحاسمـةِ مُعلنـاً اندفاعـي نحـوه والله يشهـدُ أنّي كففتُ القلبَ عنهُ مدةً طويلةً.. الله يشهدُ صـومَ أيامـي عنهُ.. الله يشهـدُ تعفّفَ الـرّوح عن أسـاه.. لكنّ هذه المرة قد أغوتـهُ مشاعـرُهُ.. وأخذت بـهِ حيثُ دربٍ قد نسيَ خُطاه والسبيلَ إليـه.. ساقتـهُ مشاعـرُهُ نحـو الحب.. اندفعَ نحـوهُ كانـدفاعِ طفلٍ نحـوَ أُمّـهِ بعدَ غيـابٍ وقد أضناهُ الشّوقُ.. هكذا هو القلبُ.. عاصٍ للعقـلِ دليلـهِ..

لم يكن الأمـرُ مقتصـراً فقـط على اعتيادي لوجود تلك المشاعـرِ.. لطالما احتويتها بقلبي دون أدنى فرصـةٍ لأيٍّ مَن كانَ أن ينتشلَها.. أردتُ أن أحافظَ عليـها بـروحي.. ألّا أدعُ مقلتيّ أن يبوحـا بشيءٍ ممّا فيهـنَّ.. ظننتُ أنّـها نقطـةُ تحـوّلٍ في عِـدادِ أيـامي.. جاءت لتمحـوَ أسـى ماضٍ عشتُـهُ بأدقَّ تفاصيلِـهِ " ذلك الأمـرُ الّذي جعلَ منّي شخـصاً تخنقُـهُ التفاصيـل".. والله ما أردتُ بـهِ أذى.. لكنّـها الخيبـة.. جاءت واستوطنتـهُ بعد معـاهدةِ سـلامٍ كـاذبةٍ تكسـوها ثيـابِ الحزنِ الّذي زادهُ أسى.. جاءت في لحظـةٍ استطاعَ أن يبـوحَ بها.. ردودُ فعلٍ باردةٍ تكادُ أن تجمّدَهُ دون أن تتحركَ أيٌّ من مشاعره.. ردودٌ أظهـرت بأنّـه كغيـرهِ جعلت منـه وجهـاً للمقـارنةِ مع آخريـن.. قد ظنَّ أنّـهُ الأوْلـى.. الأجـدر بذلك الحُب.. الأبْقـى في قلبـهِ.. هنا تكمُـنُ خيبتُـهُ.. لم يعتقد يومـاً أن يوضعَ في كفِّ ميزانٍ مع غيرِهِ ويكون في مقدار تعامله معه.. خيبـةٌ تتلوهـا أُخـرى.. جعلتهُ عَصِيُّ الدّمـعِ.. شريـدُ الذّهـنِ.. أعادتـهُ إلى ما دون البدايـةِ...

الله شـاهدٌ على صدقِ مشاعـري.. ونيّـةِ قلبي الّذي خُذلَ دائمـاً.. خيبـةٌ أصابتـهُ وأرْدتـهُ شهيـداً للحُـب..."سطّـر كلماتـِهِ والعَبْـرة تخنقُ داخلَـه.. سـار على عهـدِهِ وأعلـن استسلامـهُ بعـد استشهـاد قلبـه.. وأخـذَ يرددُ :

" إنّهـا الخيبة يا عزيزي، إذا أصابت قلباً هدَمتْ مشارِقَـهُ ومغـاربَـهُ..."

وغفـى على طاولتِـهِ ليذهـبَ في سُباتٍ بعيـداً عن واقعـهِ...


Eman Alzenat

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

احسنت بالتوفيق

أبدعت

إقرأ المزيد من تدوينات Eman Alzenat

تدوينات ذات صلة