"إنّكَ لا تهدي من أحببتَ ولكنّ اللهَ يهدي من يشاء"...

في إحدى مذكراتهِ اليوميّة كتب :

ما شعرتُ بهِ بالأمسِ كان غريباًً، كنتُ أجلسُ كعادتي على هاتفي وقتَ الغروبِ، أتصفحُ مواقعَ التواصل الاجتماعيّ، أدخلُ هذا وأخرجُ من ذاك، حينها رفعَ المؤذنُ أذانَ المغربِ، وعند وصولهِ "حيّ على الصلاة" انتابني شعورٌ دفعني لأذهبَ إلى المسجدِ، توضأتُ وخرجتُ من منزلي، مع كلّ خطوةٍ أخطوها تزداد نبضات قلبي، لم تصبْ بذلك منذُ فترة، ومع قول "الله أكبر" شعرتُ وكأنّني رحلتُ من هذا الكون الغريب إلى مكانٍ طاهرٍ، خرجتُ من نفسي لأذهبَ حيثُ ترتاحُ الروحُ وتهدأ النفسُ...

"الله أكبر" استشعرتُ عمقَها.. "الله أكبر" من الخوفِ المختبئ داخلي.. "الله أكبر" من القلقِ الذي أعيشه..من الحزنِ الذي حلَّ بي.. "الله أكبر" من تلك الأمورِ التي تشغلني عن الخشوعِ في صلاتي...

بعدها بدأ الشيخُ يتلو بآية " إِنْ تُعَذّبهم فَإِنّهم عبادُك وإِنْ تغفر لهم فإنّكَ أنتَ العزيزُ الحكيمُ"..صدى صوتِهِ وهو يتلوها بقي عالقاً في ذهني، أخذتُ أردّدُها بقلبي قبل لساني، وأيقنتُ أنّ اللهَ أرحمُ من أن يعذّبَ عبادَهُ، أنّ اللهَ يقبلُ التوبةَ في أيّ وقت، أيقنتُ أنّ اللهَ أقربُ إلينا مما نتصوّر، أنّه يسمعُ دعاءَنا ونداءَ قلوبِنا، أنّه أعلمُ بالضعفِ الذي بداخلنا...

وعند السجودِ.. بحتُ لله بكلّ شيءٍ.. أخبرتُهُ باحتياجي له.. بالمخاوفِ التي تراودني.. بالأمنياتِ التي أحاولُ الوصولَ إليها...

أخبرتُهُ بحزني على ما فقدتُ..بأملي بهِ.. فهو الكريمُ..الرحيمُ...

وأخذتُ أدعوهُ بقلبٍ مطمئنٍ موقنٍ أنّه يسمعُ دعواتي، وأنّهُ أقربُ إليّ من حبلِ الوريد...

وبكيتُ..بكيتُ على اللحظاتِ التي أضعتُها بالبعدِ عنه، على الأوقاتِ التي توجّبَ عليّ أن أشكرهُ على ما أكرمني به،على كلّ لحظةِ ضعفٍ لم ألجأْ بها إليه...

لم أرغبْ حينها أن أرفعَ رأسي، الراحةُ التي أصابتني في هذه الصلاةِ لم أشعرْ بها منذ وقتٍ طويلٍ، لقد كنتُ قريباً من الله، دعوتُهُ واستنجدتُ به، وكان السميعَ المجيبَ، فهو اللهُ العليمُ بذاتِ الصدورِ...

"إنّكَ لا تهدي من أحببتَ ولكنّ اللهَ يهدي من يشاء"...

Eman Alzenat

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات Eman Alzenat

تدوينات ذات صلة