اسم المتسابق: لين أسامة طلال صبّاح - فئة المسابقة: الفئة العمرية من (13-18) سنة



يعود أحمد -طفلٌ في السابعة من عمره- من المدرسة جائعًا متلهّفًا لتناول غداءٍ كان قد اشتمّ ريحه الشهيّة من خارج بوّابة المنزل. وما أن يدخل، ترحّب به أمّه وتهمّ بتنظيف حقيبته. وفي أثناء عمليّة التّنقيب، تجد ورقة امتحان أحمد الخاصّة بمادة الرياضيات وقد كتب عليها نتيجته "سبعة من عشرة" فيُجنّ جنونها وتذهب لتوبّخه بلا رحمة.

ترسم القصّة السابقة صورةً تقليديّةً لردود أفعال الكثير من الأمّهات في مواقف مشابهة، على غير دراية بالأثر السلبي العظيم الذّي يتركه هذا الفعل على نفسيّة الطّفل؛ من تشويهٍ وتغييرٍ لنمط حياته الورديّة المليئة بالمغامرات الصّغيرة، وانتشاله من عالمه السحريّ، وتحويله من طفلٍ صغيرٍ همّه أن يكون أوّل من يقف في الطّابور أو أن يكون الفائز في ألعابه البريئة، إلى طفلٍ يرتعش خوفًا إذا نسي إجابة سؤالٍ في امتحانٍ ما، وخلقَت له همًّا يفكّر به طوال وقته. أمّا إذا أردنا الاطّلاع على الموقف من منظارٍ أوسع، فهو يؤثّر على مستقبله بشكلٍ كارثيٍّ.

النّقص فطرة، فالكمال لله وحده! وألّا يحالف الحظّ طفلًا في الصّفّ الثّاني لا يعدّ مشكلةً تُذكر. المصيبة الحقيقية تكمن في بحث الرّجل -الذّي سيصبحه أحمد- عن الكمال في كلّ تفاصيل حياته، ما قد يقوده إلى المرض النّفسيّ، فسيكبر ويكبر معه صوت والدته وعتابها القاسي له، وسيسمع صداه يتردّد في ذهنه في كلّ مرّةٍ يواجه فيها العواقب والصعوبات التي يمرّ فيها أيّ إنسانٍ في حياته، ويصبح ذلك الصّوت جزءًا منه حتّى يظنّه صوته. ويعيش حياته كلّها وهو يلاحق سرابًا في الصّحراء.

التّقدير هو أساس التّقدّم وهو أكبر هديّة نقدّمها إلى الآخرين، فلو كافأت تلك الأمّ ابنها على السّبع درجاتٍ الّتي حصّلها بدلًا من أن تؤنّبه على الثّلاث التي خسرها، لكان ذلك دافعًا له لأن يحسّن من أدائه؛ شوقًا للتقدير والمكافأة وليس خوفًا من التّوبيخ والعقاب.

التّركيز على النّاحية السّلبيّة من أهمّ المشكلات الّتي يعاني منها مجتمعنا، ويتأثر بها فئة كبيرة من النّاس، خاصّة ما نراه على مواقع التّواصل الاجتماعيّ وهو ما يمكن وصفه بثورةٍ يصعب تجاهلها، أسلحتها هي العبارات التي تبعث في النّفس الإحباط، التّشاؤم، وكمًّا هائلًا من الطّاقة السّلبيّة. وقادة تلك الثّورة هم ذاتهم ضحاياها دون أن يدركوا ذلك.

تلقّي الفرد ردود أفعال إيجابيّة بغضّ النظر إن كان طفلًا، طالبًا، موظّفًا أو مسنًّا، يدعو إلى زيادة الإبداع، كما أنّ تقدير الآخرين وشكرهم يدعو إلى تنمية تقدير الذّات لديهم. فلنتذكّر ذلك دائمًا؛ ولنسعَ نحو خلق بيئةً هواءها مليءٌ بالطّاقة الإيجابيّة وشكر الآخر وتقديره والنظر إلى النّصف الممتلئ من الكأس والعمل عليه إلى أن يفيض ما فيه.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

كل التوفيق والنجاح انشالله

إقرأ المزيد من تدوينات مسابقة المقال الأدبي

تدوينات ذات صلة