اسم المتسابق: آية خليل مرشد عثمان - فئة المسابقة: الفئة العمرية من (13-18) سنة



أحلامٌ هائمةٌ، آمالٌ تائهةٌ، أمنياتٌ منكسرةٌ، أرضٌ منهكةٌ من ويلاتِ الحروبِ و الوغى، حياةٌ على مشارفِ الموتِ. كلَّ القوى خائرة إلا واحدة، ما زالتْ قادرةً على النُّهوضِ من وطأةِ الدَّمارِ والوقوفِ على قدميها بعزمٍ وإصرارٍ رغمَ الأنقاض، قادرةً على بناءِ الأحلامِ وجبرِ الأمنياتِ، وبثِ الحياةِ و الأملِ في المجتمعاتِ. تلك القوةُ الجبّارةُ التي استطاعتْ نسجَ القطعِ التي مزقتْها براثنُ الحربِ و الظَّلامِ، لتصبحَ الحياةُ محط الأنظار، زاخرة بالقوةِ و نابضة بالخيرِ و الأمانِ. تلك القوةُ الجبّارةُ هي المرأةُ التي تجمعُ الأشلاءَ الممزقةَ لتمنحَها حب النّضالِ و الكفاحِ و الحياةِ من جديدٍ.

هنَّ لسْنَ مجردَ هوامشَ صفحةٍ في كتابٍ بل هنَّ من وضعْنَ أُسُسَ هذا الكتاب. يقالُ: هنَّ نصفُ المجتمعِ بل هنَّ المجتمع بأكملِهِ فلولاهنَّ لما قامتْ المجتمعاتُ و الحضاراتُ و الأممُ منذُ القدمِ. المرأةُ هي من تبني ما هدم، ترفعُ ما سقط، من تربي الأجيالَ جيلًا بعدَ جيل بهمةٍ و تعبٍ. المرأةُ من تحملُ طفلَها في بطنِها تسعة شهورٍ و تضعُه وهنًا على وهنٍ، من تسهرُ الليالي و تربي و تتألمُ و تعاني في سبيلِ بناءِ المجتمعِ. المرأةُ حصنٌ منيعٌ شُيِّدَ من حجارةِ القوةِ و الصَّبرِ و التَّحملِ، وزُيَّنَ بالحبِ و التّفاؤلِ، يهابُهُ الأعداءُ، و يلجأُ إليه الأصدقاءُ. هي من تقاتلُ بشراسةٍ، من تتألمُ بصمتٍ، تبتسمُ بحبٍ، تتحدثُ بأملٍ و تحبُ بصدقٍ. هي الجنةُ التي تتفجرُ خلالَها ينابعُ الشَّهدِ و اللبنِ لترويَ كلَّ ظمآنٍ، و ينمو فيها شجرُ الطّوبى لِيُدْفِئْ كلَّ بردان، هي رياضُ الزّنبقِ و العنبرِ وأريج الزهور، الشعلة الأخيرة إذا انطفأت انطفأت الحياةُ و توارتْ في سراديبِ الرَّدى .

لكن لم تكتفِ المرأةُ بهذا القدر من الجهدِ و الإنجازاتِ بل اجتاحتْ العالمَ بأسرِهِ بقوتِها و نضالِها و كفاحِها، رفضتْ الجلوسَ في المنزلِ بهدوءٍ إنَّما قررتْ الخوضَ في لجِّ الحياةِ، دخلتْ الأسواقَ و اعتلتْ أعلى المناصب و المراتب، لم تهتم للعقباتِ و الحواجزِ و إنْ كانت جبالًا شاهقةً؛ فهي تستطيع أن تشقَّها بما أوتيت من قوة العزم والإصرار و تجدَ السبيلَ للنّجاةِ و الانتصارِ حتى تصل إلى القمة. كيف لا يكون كل ذلك وهي الأمُّ و الزَّوجةُ و الأختُ و الابنةُ قبلَ كلِّ شيءٍ و بدونها المجتمع لا يساوي شيء.

أعزَّها الإسلامُ و كرَّمَها و أعلى من شأنِها، منحَها حقوقًا عظيمةَ لم يمنحْها إياها أحدٌ من قبل. فقبل كل شيء كفل لها الحياة فحرم قتلها ووأدها حية كما كان الحال في الجاهلية ثم أوجب على والديها حق رعايتها وحسن تربيتها وأعطاها حقَّ الميراثِ و التَّملكِ و حقَّ اختيارِ الزَّوج ِمن غيرِ إكراهٍ أو إجبارٍ. لقد أعاد الإسلامُ لها مكانتها و قيمتها في زمنٍ أُهينَ فيه كيانُها، و كسرتْ فيه أجنحتُها، و وعوملت فيه معاملةَ قطعِ الأثاثِ الرَّخيصِ، فكان يرثها من شاء من أقارب زوجها بعد وفاته. والأكثرُ عظمةً و إدهاشًا أن الله جعلها طريقًا للجنةِ، فمن أحسنَ تربيةَ بناتِه قُدْنَهُ للجنةِ متنعمًا فيها بل سميتْ سورةٌ بأكملِها في القرآنِ بسورةِ النّساء.

المرأةُ مثالٌ يحتذى به على مرِّ الأزمانِ بقوتِها و عزمِها و إصرارِها، فها هي امرأةُ القرن الواحد و العشرين التي صدحَتْ بصوتِها عاليًا حتى شقَّ السّكونَ و مزَّقَ السَّماءَ و ارتجفتْ الأرضُ لصداه. من سطرتْ اسمها على أبوابِ الحياةِ، من جعلتْ للنّضالِ معنًى في وطنِها،من خاضتْ معاركَ طاحنةً مع الموتِ الموشكِ الذي أعدَّهُ أعداؤها لها. فقد أصيبتْ بطلقٍ ناري برأسِها و هي ابنةُ الأربعة عشر ربيعًا أودى بحياتِها إلى حافةِ الهاويةِ. و لكن هيهاتَ أنْ تتخلى عن حقِّها. نجتْ من الموتِ بأعجوبةٍ لتكملَ (ملالا يوسفزاي ) مسيرتَها و نضالَها المستمر في الدفاعِ عن حقّها و حقِّ فتيات مجتمعها بالتّعليمِ. و بالتأكيد و مما لا ريب فيه لم يخلُ زمنُ النبي ﷺ من الصحابياتِ الشجاعات اللواتي كان لهنَّ دورًا عظيمًا في رفعِ رايةِ الإسلامِ و الدّفاعِ عنه، فها هي أم عمارة -رضي الله عنها-المحاربةُ العظيمةُ التي كانتْ جيشًا بأكملِهِ في غزوةِ أحدٍ، فما التفتَ الرسولُ ﷺ يمنةً و لا يسرةً إلا و وجدَها تذودُ عنه غيرَ عابئةٍ بالجروحٍ. فالمرأة على مرِّ الأزمانِ رخصتْ روحُها في سبيلِ الدّفاعِ عن وطنِها و أحبّتِها.

هيا أيتها الجميلة، تغلبي على الصُّعوباتِ و العقباتِ، قاومي الظّروفِ، انهضي واصنعي الفرقَ و الإنجازاتِ، انهضي واصعدي لتريَ نفسك والجميعَ أنَّكِ تستطيعين الوقوفَ على قدميكِ، وتحقيق المستحيل، فهنيئًا لكِ أيتها المرأةُ المناضلةُ، آن لك أن ترفعي جبينكِ الأبيض عاليًا فخرًا و اعتزازًا بهُويتِكِ، فأنتِ من أوصى بك خيرُ الأنامِﷺ قائلًا: "رفقًا بالقوارير".


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

جميلة جدا جدا ومؤثرة 💚😍

إقرأ المزيد من تدوينات مسابقة المقال الأدبي

تدوينات ذات صلة