هذه هي وجهة نظري حيث أنني منذ صغري لم أصدق ليليى , ولم أصدق النساء أبدًا , لهذا سألت الذئب فحكى لي ما في صدره

الذئب الذي أكلته ليلى.



لم أكن أثق في براءة ليلى، منذ كنت اسمع قصتها في صغري، كنتُ اشكك في ليلى، فليس هناك فتاة لطيفة غبية بريئة تجتاز الغابة وحدها، حاملة سلتها المزيفة، بقطع كيك وردية بنكهة التوت البري، وأخرى أفتح منها لونًا بنكهة الفراولة التي كانت تشببه نفسها بها، ليلى ليست بتلك السذاجة، وربما نحن كنا بتلك السذاجة حقًا، كيف لفتاة صغيرة أن تسلك طريقة الغابة الطويل وحدها، هيّ التي لم تخرج دون والدتها يومًا، كيف لها أن تغرم بالطريق الطويل لمجرد وجود الكثير من الأزهار به، تلك الأزهار التي كانت تطحنها مع جدتها عندما تزورهم، ومع والدتها لتصمع منها مربى الورد اللذيذ بألوانه المختلفة، فتارة كنَّ يضعن القرمز ليصبح لون المربى وردي داكن ، وتارة كنَّ يتركن الورد بلونه المعتاد فيبدو وردي خفيف، وأحيانًا قريبًا للون غروب الشمس، كيف لها هذه التي تسمونها لطيفة وتحب الأزهار أنّ تطحنها في مطحنة المربى، كيف يطاوعها قلبها الذي تقولون عنه مرهف بأن تعجنها مع السكر بقسوة، تدميها عصارة الورد ولا تحزن، كيف لها هذه الرقيقة أنّ، تسكب الورد المعجون المدمى بالعطر، في قِدرٍ على النار، وتزيد من تحته الحطب، لتأكل النار كل ألسنة القِدر، لتسمع صوت فرقعة أوراق الورد وهي تتألم وتتأوه من الغليان، كيف لها أن تنظر إليها، بعيونها التي تظنونها ، لا ترى إلا الحب والخير والجمال، كيف لها أن تستمتع وتغني مع والدتها وجدتها أغنيات الصيف وهنَّ يرتكبنَّ مجزرة بحق الأزهار اللطيفة التي غيرت ليلى كل طريقها من أجلها، ألم تسألوا أنفسكم يا ل السذاجة، هي غيرت طريقها لتقطف الورد، وليس لتتمتع بألوانه وعطره، ومنظره، قاتلة ناعمة اليدين هي ليلى خاصتكم، ألم تفكروا في هذا، من أين تأتيها الجرأة لتسلك طريق طويل، خطير ، مجهول ولا تعلم عنه شيء، كيف واتتها الجرأة هذه اللطيفة خاصتكم عندما قال لها والدها احذري الذئب، وهي تعلم بوجوده ولو أنها طفلة رقيقة لماتت خوفًا من مجرد ذكر اسمه، ولم تغامر لتذهب إلا جحره بقدميها الصغيرتان، التي داست الورد كذلك، يا ل سذاجتكم يا سادة، لنكمل ، هل تعرفون الذئب ، نعم أظنكم تعرفون أنّ الذئب هو ابن ذئب مثله، مخلوقٌ خطر شرس من دون مشاعر ولا أحاسيس ولكنكم سذج، سامحوني لوقاحتي هذه ، ولكن الحقيقة دومًا تسبب المغص لصاحبها، دعوني أخبركم عن الذئب من الوجه الأخر للقصة، من المنطق العلمي تارة، ومن المنطق العاطفي الذي تتأبطونه دون أن تأبهوا له ولصحته، الذئب هو أنبل مخلوقات الغابة، ومن ويقول لك لا تأمن الذئب فأنه يأكل صاحبه، فخفهُ لأنه لم يعرف الذئب حقًا، هو يقلده فقط، عندما يولد الذئب يبقى قرب أمه يداريها، يتجرع حنانها كما نفعل نحن، وربما أكثر ففي زمننا لا يوجد الكثير من الأمهات التي تعطي حنان بالمجان، فحتى زمن الرضاعة الذي أمرهنَّ الله به، لم يعد يلتزمن به، ويقطعن حليبهن الذي من حقنا عنا، طواعية، وعن سبق إصرار لكي لا تتشوه صورهن الجميلة، ولكن أن يتشوه حناننا، وتركيبة جسدنا التي تدعم بالحليب الذي وضعه الله فيهن من أجل أن يدعمنا ويحمينا ويقينا من عدة أمراض فهذا عادٍ، ونسمى بشر وإنسانيون ونحن نحرم من أبسط حقوقنا منذ أيام الرضاعة، لا يهم حقًا أليس كذلك، حسنًا، الذئب تستبقيه أمه لديها ترضعه كما أمرها الخالق دون زيادة أو نقصان، وتحبه من كل قلبها، فتزرع الحب في قلبه، وعندما يشتد عوده تدفعه بحزم للتعلم كيف يكسب قوت بطنه، كيف يتعلم الحياة، هيّ من تعلمه كيف يصطاد كيف يأكل، كيف يتزوج ويربي الأبناء، في زمننا، حسنًا أترك لكم هذا التساؤل، كم منا لم يعلمه أحد البديهيات وضاع في دهاليز الحياة يتعثر، يقع، يكسر، ويقوم لوحده مرة بعد مرة ليتعلم كل شيء، بيده، بعقله، بتجاربه، كالمثل القائل " الكل يتعلم من كيسه " أين الإنسانية في هذا المثل، حسنًا لا يهم، يتزوج الذئب ابن الذئب وتعلمه أمه البديهيات، ينجب أطفاله، يربيهن، يعطيهم حنانه كذلك كأمه، وعندما تموت زوجته ماذا يفعل، لم يسأل أحد نفسه هذا السؤال بأن هذا الذئب الذي اتهمتموه زورًا بأنه أكل ليلة وجدتها الماكرة، ماذا يفعل، حسنًا ربما ليس لكم اطلاع واسع في عالم الذئاب مثلي لهذا سأقول لكم، بأنّ الذئب أوفى ما خلق الله على هذه الأرض، نعم فعند فقدانه لزوجته وموتها لا يتزوج، يعتكف الدنيا من أجلها، وإذ تم قتلها عمدًا يثأر لها ولو كان الثمن حياته، فيبقى بعد وفاتها مخلصًا لها، يربي ما وضعت بطنها، منزلًا رأسهُ أمام جميع أناث الذئاب، كإشارة منه بأنه لم يعد يرغب من بعدها في زوجة، من ذهب أخذت معها قلبه، مشاعره، فراشه، حياته كذلك، هذه حقيقة الذئب الذي حاول الجميع تزويرها، ألم تقرؤوا قصة ماوكلي فتى الغابة الذي ربته ذئبة، أم أنكم تؤمنون ببعض القصص وتكفرون ببعض، لا أعرف هذا يعود لكم، نكمل، هذا الذئب من جميع وجهات النظر، فكيف له أن يلتهم ويراقب أُنسبة، لديها جرأة لتتجول وحيدة في غابة ضخمة لا تدرك فيها شيئًا إلا وجود وحوش ضارية، وصنفتم منها الذئب، لا أعرف، ربما أغوت ليلى البريئة / الحاذقة الذئب بلطافتها فحسبها أحد أبناءه، وربما أراد حمايتها من المجهول الذي في الغابة التي لم تأبه لها ليلى، فراقبها ليحميها، فأغوته برقتها ليتبعها لمنزل جدتها التي كانت هناك عند وصولها قد نصبت الفخ له هي وجدتها، فلا ننسى ما قال الله سبحانه و تعالى في القرآن الكريم " إنّ كيدهنّ " ، أكملت ليلى الشريرة/ الرقيقة استدراج الذئب الساذج للمنزل، بحجة إطعام جدتها المريضة، حسنًا السؤال هنا لماذا تقطن جدة مريضة وحيدة في وسط الغابة، بينما منزل ابنتها أم ليلى في أولها، هنا لن اتطرق للعلاقات العائلية التي من الواضح ما هي، فمن تترك والدتها مريضة هرمة في وسط غابة، إذا لم تكن هذه الوالدة..، هذا لكم، تدخل ليلى الماكرة منزل جدتها الرقيقة كما تدعون، ولتجدها راقدة على الفراش تدعي المرض، بينما ليلى تدخل المطبخ لتعد أبريق الشاي للجدة، يدخل الذئب من باب الفضول، ليوضع في فرن الفخ الذي نصباه له، فتقوم الجدة، بربطه ووضعه على السرير وكانت ليلى من ساعدتها مباغتة إياه بإبريق شاي ساخن، ساكبة محتواه على ظهره بكل وحشية، ليرقد يتألم، يتأوه من الألم لتستمتع الجدة الشريرة، وليلى الماكرة بكعك فراولة وتوت بري لذيذ، وهن يحضرن لعشاء دسم من لحم الذئب، حسنًا ستقولون بأنني أبالغ، هه هذا سخيف جدًا، أنتم من تُبالغون، نعم ونسيت أنّ أخبركم هذا الذئب البريء ذاته الذي برأه الله من دم يوسف الذي اتهمه به أخوته، فكما كاد أخوة يوسف وهم من لحمه ودمه له، واتهموا الذئب البريء، كادت ليلى وجدتها اللتان من ذات اللحم والدم لذات الذئب الذي الصقت به تهم لا تُعد ولا تحصى، فليس كل ما هو رقيق من الخارج رقيق من الداخل، والعكس صحيح، هكذا كادت ليلى لمن ظنناه الكَائد، وهكذا أغلب قصصنا كانت مزورة لو بحثنا فيها بحق.


فلا تصدق ما تسمع صدق ما ترى، مع مسح عينيك عدّة مرات.







سوريا - الرقة

8/11/2020


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

طريقة الحكي عن الذئب طريقة جد عاطفية اعترف بأن الذئب من أوفى الحيوانات لكن ليس و كأنه لا يجوع.

رائع جدا فكرة جديدة مثيرة للقراءة أبدعتي🤩

اسلوبك رائع في الكتابة

إقرأ المزيد من تدوينات بيداء الصالح

تدوينات ذات صلة