قصة قصيرة تتحدث عن تعلق الشباب بهواتفهم وهوسهم بالمسلسلات خاصة الأجنبية منها



اصطدمت بأبيها لكنها لم تتوقف عن السير أو تلاحظ ما حدث نظر لها أبوها مستنكرًا قائلًا: لا حول ولا قوة إلا بالله، "هذا الملعون أكل دماغهم!"

اتسعت عينيها ناظرة للهاتف بين بيدها، كأنها ليست في الدنيا بل بداخل المسلسل الكوري الذي تشاهده!

تارة تبتسم بتأثر، تخجل حياء، وتارة أخرى تقهقه بمرح أو تدمع عينيها.

ذهبت للحمام متعجلة، جلست تقضي حاجتها والهاتف بيدها، انتهت لكنها لم تقم من على مقعد الحمام!

بدورة المياه لا أحد يقاطعها، صمت مريح لف المكان، وهذا المشهد الذي تشاهده هو أهم مشهد ونقطة التحول في القصة؛ حيث يكتشف البطل أن صديقه الذي يشعر نحوه بمشاعر غريبة ما هو إلا أنثى متنكرة!

لم ينتهي المشهد لكن آتاها صوت أخيها يتعجلها.

زفرت بضيق وأوقفت الحلقة، تذكرت ما كانت تفعل، فأنهته وقامت لتخرج.

فما زال أخيها يصرخ من الخارج، لكن الباب لا يُفتح!

حاولت كثيرًا دون جدوى.

عم الهدوء المكان لكنه ليس كأي هدوء، صمت مهيب بعث رهبةً خفيةً في قلبها.

التفتت قلقة، هذا الصمت أشعرها بشيء مريب يدور حولها!.

تجاهلته وصرخت لأخيها أن يساعدها، لكن لا أحد يسمعها.

توقف صراخ أخيها ولم تعد تسمع صوت أبيها المرتل بالقرآن.

انتفض بدنها في هلع، عندما وقع نظرها على المرآة أمامها،

رأت طفل صغير!

ملامحه عادية لكن الأمر مرعب.

تراجعت خطوتين للخلف بخوف حتى تعرقلت بحوض الاستحمام.

نظر لها الفتى عابسًا.

دهشت ملامحها، أرادت قول شيء، أي شيء لكن الكلمات لم تخرج من حلقها، حُشرت رهبةً!

فضحك الفتى منها ساخرًا.

اصفر وجهها، وبردت أطرافها.

حاولت قول "أعوذ بك من الخبث والخبائث" لينصرف هذا الملعون الصغير" لكنها لم تستطع.

ليتني قلتها عند دخولي... قالتها في نفسها نادمة.

تجاهلت المرآة واستجمعت قواها وحاولت فتح الباب مجددا لكن باءت محاولتها بالفشل.

رفعت عينيها ببطء، ناظرة للمرآة بطرفها، فلم تره.

تنفست الصعداء وعاد بعض اللون لوجهها.

وأدارت مقبض الباب مرة أخرى.

حينها سمعت همسًا: لن تستطيعين فتحه الآن.

ارتعد بدنها مرتعبًا وجف حلقها.

فعبس الولد قائلا بنبرة مهددة: اجلسٍ كما كنتِ ودعيني أكمل هذا المشهد!

ماذا؟ تساءلت مستنكرة وقد شحب وجهها.

أريد معرفة ماذا سيحصل؟ قالها الفتى متأففًا.

خذه واتركني. قالتها ملقية بالهاتف على الحوض.

_ لا أستطيع التعامل معه.

فقط اجلسِ وافتح الحلقة من المشهد الذي توقفنا عنده!

توقفنا؟ قالتها ببطء بينما يسيل دمعها.

_ هيا لا تفسدي الجو وتغضبيني... أحست بأنفاسه الغاضبة

فأجابته متلعثمة: حســـــــــــنا

جلست على المرحاض وفتحت هاتفها كما أمرها، هي لا تراه لكنها تشعر به.

لم تستطع مشاهدة الحلقة معه.

فقط فعلت ما يريده علَّه يتركها، شعرت بمياه دافئة تبلل بنطالها، فبكت واهتز الهاتف بيدها.

أحست بأنفاس ساخنة تحيط بها، فأدركت أنها أغضبته.

آسفة.. قالتها وقد أمسكت هاتفها بإحكام تعيد المشهد من جديد.

انتهى أخيرًا.

وقفت متسائلة.

لا تفهم ماذا تفعل الآن.

حاولت فتح الباب وهي تدعو ربها داخلها.

ففتح، نظر لها أخيها مستنكرًا حالتها!

ما بك؟ لمَ تبكين؟

لمح الهاتف بيديها

فقال ساخرًا: هل بطلك الوسيم مات؟

جرت لحجرتها باكية، لا تصدق ما حدث معها.

أكان الأمر حقيقي!

أخذت قرارها أنها لن تخبر أحد، غيرت بنطالها، وأغلقت الهاتف وقد وعدت نفسها ألا تشاهد المسلسلات مرة أخرى!

مسكت المصحف وظلت تقرأ باكية.

أنهت قراءة قدر يسير، فهي لم تستطع استكمال الصفحة الأولى من سورة البقرة.

تنهدت بحدة وعزمت قائلة: لن أدخل دورة المياه بالهاتف ثانية أبدا.

لكن المشكلة؛ هي أنها لا تعرف كيف ستدخل الحمام مرة أخرى!


تمت

#أسماء_صلاح_أبوخلف


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

تدوينات من تصنيف محتوى أدبي

تدوينات ذات صلة