كيف أتعامل مع من ينتظم فى العلاج ومن يرفضه ومن يحتال فى لفظه؟ لكل منهم طريقة فى التعامل.

حين كُنت "أدمن" على مجموعة "جروب" الاضطراب الوجداني ثنائى القطب الذى انشأته فى 2015 وتركته فى 2018، ومن خلال احتكاكي بالمرضى منذ عودتي إلى الفيس فى 2019 حتى الأن؛ احتككتُ وتعاملتٌ مع عشرات المرضى. واستطيع أن أُقسّمهُم إلى (4) أنواع، ووفقاً لكل نوع كُنت قادراً على فهم نمط تعامله مع العلاج، وطريقة تعاملي معه.


النوع الأول.


ـ يذهب إلى الطبيب. يأخذ العلاج، ومع أول عَرض جانبي من العلاج، وبعد فترة وجيزة من أخذ الجرعة؛ يُلقى بالعلاج إلى السلّة.

أ ـ لا جدوى من إقناعه بأهمية العلاج.

ب ـ قد يُغير الطبيب والعلاج كل فترة، ثم لا يذهب إلى الأطباء مرة أخرى.

ج ـ يلجئ بعضهم للمخدرات لضبط نومه ومزاجه.

د ـ بعضهم قد يلجئ لليوجا والرياضة البدنية أو الأعشاب المُهدءة والطب البديل عموماً.

هـ ـ هذا النوع لا أُرهق نفسي معه فى النقاش، وأدعو له بالصبر، واكتفى بسماع الشكوى وتركه كما هو.

و ـ هذا النوع مُتعب لأهله والمقربين. يستلزم طُرق عديدة لإقناعه وفقاً لعوامل عديدة.


النوع الثاني.


1 – يأخذ العلاج. يتحمّل أعراضه حتى يتحسن الوضع، فيظُن أنه قد شُفي خاصة مع المقارنة الدائمة بحال الأصحاء ممن أصيبوا بأمراض أخرى وشُفِيوا. فيُقرر ايقاف العلاج خاصة أن بعض أعراض العلاج الجانبية لا تزال حينها قائمة ـ وإن هدئت حدتها ـ فيُقرر إيقاف العلاج، فينتكس، فيعود إلى طبيبه وروشتته، فيتحسن وضعه، فينتظم على العلاج لفترة أطول من سابقتها، ثم تأتى مرة أخرى المقارنة والسؤال الكلاسيكي : هل سأظل مدى العمر مريض وبصحبة أدوية؟

- المشكلة مع هذا النوع أنه يوقف العلاج دفعة واحدة دون العودة إلى الطبيب، ويعاني من بشاعة الأعراض الانسحابية لبعض الأدوية التى يجب أن تقف خطوة بخطوة.


2 – لا يسعى إلى العلاج إلا بعد التدهور

3 - يحتاج إلى دعم لكي يستمر فى علاجه.

4 – فى أوقات التحسُن يلزم متابعته بشكل أكبر. لإن فكرة العلاج مرفوضة أصلاً لديه فى لاوعيه، ويقارن نفسه بمن هو غيره بصحة طيبة.


5 – لديه قابلية للانتحار أكثر من النوع الأول، وبعضهم لديه بالفعل محاولات، خاصة اصحاب الاضطرابات المزمنة والفصامين.

6 – بعضهم يُجرب الطب البديل وطرق أخرى للعلاج، وليس شائعاً بينهم شُرب المخدرات.


النوع الثالث.


1 - هو أفضل من الأول والثاني. لم يجد بُد من تناول الدواء، أو لم يجد بديل أفضل من الدواء، وقد يخوض تجربة العلاج بالطب البديل حتى يقتنع بجدوى الدواء.

2 – يتمتع بإرادة وصبر.

3 – قد "يلعب" و"يعبث" أحياناً مع العلاج، فيُقلل بعض الشئ من جرعة دواء، أو يُقصر فى الذهاب إلى طبيبه، يشتُم ويسُبْ العلاج واليوم الذى ولد فيه والمرض لكنه بشكل عام منتظم فى الرحلة.

4 – لا يوقف العلاج كله من نفسه. هو أشبه بسيارة قد تخرج عن الطريق إلى الرصيف لكنها تعود مرة أخرى إلى الطريق

5 – لا يترك العلاج حين تتحسن حالته، بل يظل متشبثاً به.

6 – شيئاً فشيئاً ينسحب من تفكيره "السؤال الكلاسيكي".

7 – لديه وعيّ بذاته.

8 – يتعامل عموماً بشكل إيجابي مع الأزمات حين تتحسن حالته.

9 – اثناء الحالة المستقرة لديه وجهات نظر إيجابية.

10 – قد يفكر فى الانتحار لكن نادراً ما تجد أحدهم قد قرر فعلياً الانتحار

11 - بعد سنوات من رحلة العلاج يأخذ أفضل ما فى المرض النفسي (صبر، تحمُّل، مثابرة، إلخ)

12 – يحتاج إلى دعم فى بداية ومنتصف رحلة العلاج، وهو عموماً ليس متعب كالنوع الأول والثاني، وبمجرد حصوله على الدعم النفسي والاجتماعي يعود إلى الطريق

احتككت بفئة قليلة من هذا النوع للأسف.


النوع الرابع.


1 – هؤلاء نادرون، ورغم ذلك كان لي شرف الاحتكاك بهم ولا زلت على تواصل مع بعضهم حتى الأن. مُبهرون كبروس لي ومحمد علي كلاي.

2 – أصحاب إرادة قوية للغاية.

3 - لا يمزحون مع العلاج إلا فى نطاق ضيق للغاية وبحساب وعادةً فيما بعد يُبلغون الطبيب بما فعلوه.

4 - قد يُغيرون الطبيب لكن يلتزمون بالعلاج.

5 - قادرون على تحمُّل أقسى أعراض العلاج حتى أثناء الظروف الخارجية الصعبة (مشاكل عائلية، أزمات مادية، إلخ).

6 – سواء أكان ثمة دعم أو لا فهم منتظمون فى العلاج والرحلة.

7 – أوقات التحسُّن تجدهم إيجابيين للغاية.

8 – يفكرون فى حلول لأزمات العلاج.

9 – يكرهون السلبية.

10 – قدرة مدهشة على الصمود

11 – ينظر إلى العلاج بنظرة إيجابية ملهمة مختلفة، وعادة ما يكونوا مساعدين أو ملهمين لغيرهم وموضع استشارة لمن حولهم.


12 – رغم احتياجهم فى أوقات إلى الدعم والحنان لكن تجدهم مليئون بالدروس وتتعلم منهم. ينطبق عليهم عبارة ويليم أوسلر : لا تسأل أي مرض أصاب هذا الشخص، بل اسأل أي شخص أصاب هذا المرض.

ـ لم أُقابل فى حياتي سوى 4 أو 5 فقط ممن رأيت فيهم هذه الصفات.


النوع الرابع وُلدوا مرضى، أو أكثر قابلية للمرض، لكنهم لم يولدوا عظماء. هؤلاء صنعوا من انفسهم عظماء بتحمُّل الألم والعناء. كانوا يبكون، وبعضهم كان يتصل بي منهاراً من قسوة العلاج. حارب بعضهن العادات والتقاليد والمرض، وجربوا " كوكتيل" ضغط وقسوة وبشاعة الدواء. لم يخرجوا من الرَحِم جيفارا، وليس فرضاً عليك عزيزى المريض أن تكون من الفئة الرابعة، لكن واجب عليك أن تسعى لأن تكون من الفئة الثالثة.


صحيح المرض مرعب، وعلاجه يحتاج إلى علاج، لكنك وأنت فى طريقك للتحسُّن ستُحصّل خِصَال وسلوكيات رجال كبار وعائلات نبيلة ليس لديها 20 % مما حصّلته أنت فى سنوات المرض والعلاج.

ليس فرضاً أن تكون من النوع الرابع، لكنه فرض أن تعيش وفق مقولة غاندي حين هدده الجيش البريطاني بالحبس : لا أحد يستطيع أن يجرحني دون إذن مني.

فتأمل!




ali shaheen

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات ali shaheen

تدوينات ذات صلة