متى سأتوقف عن تناول الدواء؟ متى سأُشفى؟ لماذا لا أكون طبيعياً؟ وغيرها من الأسئلة.
لِمَ لا أوقف العلاج فور تحسُّني؟
نعم هذا سؤال، ولكنه ابن إجابة سؤال : لن أخذ العلاج مدى العُمر أليس كذلك؟ وهذا ناتج بدوره عن مقارنة نفسك بأهلك وأقربائك المُعافين، لذا دعني أوضح لك الأمر.
1- قد تحسّنت لإنك قد أخذت العلاج، فإن تركته سيتركك. أنت كطفل يصرخ فى وجه والدته : أكُل يوم لابد أن أغسل أسناني قبل النوم؟
2- أنت تجاوزت 70 % من اعراض العلاج البشعة، فلِمَ تُقامر وتخسر كل شئ وأنت تعلم بانك ستعود لأخذه مرة أخرى؟ لقد صنعت كعكة بأشهى مما تفعله محلات (لابوار) ثم تبولت عليها!
3- مع مرور الوقت تكون أقوى، وأكثر تحمُّلاً لوحشية العلاج وعن تجربة. أنا أتداوى بالعلاج منذ 2012 وحتى الأن. ولي الفخر بأني طوال 8 سنوات لم أترك أو أتناول مُتعمداً قرص واحد. وحالياً؛ أي دواء مهما كانت قوته وطُول قائمة أعراضه الجانبية لم تعد شراسته تؤثر، لإنها ببساطة لم تعد موجودة! تعرّف الجسد عليها من قبل. فلا تبيع عقارك لإن الناس لا يلتقطون السيلفى أمامه.
4 – اذكر لي أسماء 4 أشخاص لا يأخذون علاج مزمن أو علاج لفترة طويلة أو حتى بشكل متقطع؟! يا رجل منذ بدء أزمة الفيروس الصيني وهانك صَرعة لشراء وتخزين أدوية البرد والبنادول، وأصبح العلاج ـ ولو مُزمن وغالي ـ مطلوب محبوب. وكما تعلم؛ فكورونا مقارنة بآلامنا النفسية لعب ولهو.
أكاد أجزم أنك لن تجد مريض نفسي خائف من كورونا، أو يحمل لها همْ أو عبء. من يروض أسود السيرك لن يخاف من كلب الحارة السعران.
ـ أقاربك وزملائك المضطرين للعيش تحت وطئة أمراض وعلاج السكر والضغط والخشونة والروماتيزم إلخ . الاختلاف فقط أنهم يتلقون اعتراف ودعم ممن حولهم ونحن المرضى منبوذون، وهذا أيضاً ما يجعلك كارهاً للمرض والعلاج. لكن هل هذا مُبرر؟ من الذى يصرخ من آلام إيقافه؟ أسمعُ صوت صراخك يا صديقي.. عفواً أقصد صوت إجابتك.
5 – المقارنة الصحية والصحيحة ـ كما تعلم ـ أن تقارن نفسك اليوم بما كنت عليه بالأمس. هل تتقدم أم تتدهور؟ هل تلتزم بما وضعته من أهداف؟
مقارنة نفسك بغيرك ستكويّك وفى النهاية لن تكون زميلك الناجح ولا هذا أصلاً مطلوب. فحين تمرض ستجد زميلك الذى تقارن نفسك به يقول : الحمد لله لست مثله مجنون! فمالك كيف تحكم؟
6 – من المهم أن تنتبه أنه فى الانهباط (المُسمى خطئاً اكتئاب) مقارنتك غير صحيحة. أنت آنذاك "مريض" فمستحيل أن تكون عادلاً. دع الطبيب أو استشارة المعالج وحكمة من تراهم ذوي البصيرة يخبرونك بما يجدوه فيك من تقدُّم أو انهيار.
7 – أخيراً إن أوقفت العلاج فأنت وحدك من تدفع الفادح من الثمن، والأخرين : أنت المُخطئ، من قال لك أن تفعل فى نفسك ما فعلت، هل ثمة وجود للمرض النفسي أصلاً، فلتستمتع وتهنئ بما فعلت علّكَ تتعظ وتفهم إلخ.
يا صديقي أطرح على نفسك وعلى طبيبك السؤال الصحيح : هل سأستطيع أن أُنجز مع الدواء بدلاً من متى سأُقلع عن العلاج نهائياً. ولا تكن كمن سأل نفسه : إذا عشت فى ألمانياً هل سيُقال عليّ "عربي" مدى الحياة؟
لقد " لعبت "مع العلاج ورأيت النتائج أليس كذلك؟ حسناً، فلتُجرّب الانتظام على قرارات ونصائح الطبيب. احذف من دماغك سؤال : أسأظل مدى العمر مع العلاج؟ لإنك حين تتحسن وتأخذ أفضل مافى المرض ستجد أن سؤالك كسؤال لاعب لأول مرة يدخل الملعب ويتمرن : حين ألعب مع محمد صلاح هل سألبس حذاء "نايك" أم "أديدس"؟
صديقي؛ الموضوع أعمق من أن يتم تكثيفه فى سؤال كهذا، وإذا شرحته لك فلن تعيّه. لا لكونك غبي وأنا حكيم، ولكن لأن كلمة "خمر" لم تُسكر أحد.
يوماً ستشرب حتى الثمالة وستأتي الفكرة وتذهب مرارة الأسئلة.
فصبر جميل.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات