لِمَ لا يسمعني طبيبي؟ ماذا أفعل مع الدواء الذي يفتح الشهية والعلاج الذي يُنيمُني؟ هل سأتناول العلاج مدى العمر؟ اسئلة المرضى الأكثر شيوعاً
هذه أكثر عشرة أسئلة طُرحت عليّ من قِبَل المرضى على مدار 5 سنوات في جروباتي.
لِمَ لا يسمعنى طبيبي؟
للأسف الفن والسينما والميديا والمجتمع أوهموك أن الطبيب هو فرويد! فتتمدد على الشيزلونج لتحكي وتثرثر كأحمد حلمى فى فيلم (كده رضا). هذا يا أخي تحليل نفسي وهو نوع من العلاج النفسي، هو ـ أيضاً ـ قطرة من بحر طب وعلم النفس. لابد أن نفهم إن الطبيب لا يهتم بتاريخك، ولا المُتسبب فى انهباط مزاجك (يُسمى خطئاً اكتئاب) أوانطلاق شرارة الأعراض الذهانية إلخ.
الطبيب يُعاملك كطبيب الباطنة والأسنان : يود أن يعرف الأعراض التي تعانيها الأن. فيسأل اسئلة محددة أغلبها متعلق بالنوم والتركيز والشهية والنشاط إلخ.
ثمة فرق بين وصف الأعراض التي توجعني فيُقاطعني الطبيب ولا يسمعني ويتكلم بسرعة، وأن يقاطع سردي لتاريخ الوقائع.
مثال لنموذج لطبيب يُعالج بشكل صحيح :
ـ مريض انهباط الطبيب يسأله:
كام عدد ساعات نومك؟ ما اخبار التركيز؟ كم مضى عليك من المُدة على هذا الوضع؟ هل لديك مشاكل فى الغُدة؟
المريض : كنت أُحبها وأعشقها يا دكتور، لا أستطيع نسيانها، لم أعد استطع النوم، الحياة لم يعد لها طعم، أنا فقط أود أن أقول لها أحبك وإنكٍ أغلى ما لدي، صرتُ استيقظ من النوم كي أنام، أمي لا تُصدقني يا دكتور..
لابد للطبيب من مقاطعته ويدفعه للتركيزعلى الأسئلة. الطبيب هاهنا على صواب لا المريض
النموذج الخاطئ :
ـ يا دكتور أنام حوالي 12 ساعة، التركيز منعدم، وهناك أفكار بخصوص الموت. وأحتاج إلى النشاط لدخولي على الامتحانات، وحين يأتي المساء أشعر بـ..
الطبيب : خذ هذا العلاج وأراك بعد شهر
ـ يا دكتور العلاج يفتح الشهية، لو ثمة إمكانية لتقليـ..
ـ خذ العلاج ودعنا نرى، هيا، الوقت قد مضى.
ـ أنا مُصاب بماذا يا دكتور؟ ما هو مرضيّ؟
ـ خذ العلاج وفيما بعد نتكلم.
الطبيب هنا مخطئ، والمريض له الحق في معرفة "رأسه من قدميه".
يعني أترك طبيب النموذج الخاطئ؟
الأمور ليست بهذه البساطة ـ ودائماً ما تكون كذلك ـ وارد أن يكون الطبيب ذكى وماهر جداً ويعرف كيف يُشخّص. لكنه ضيّق الخُلق ولا يصبر، أو ربما لإنه فهم الحالة بسرعة ولا وقت لديه للشرح. وقد ترتاح نفسياً مع النموذج الأول ويسمع للنهاية لكنه فاشل في علاجه.
ما العمل؟
فى الأصل أنت ذاهب لصحتك، أليس كذلك؟
فمعيار كفاءة الطبيب ليست بأعراض الدواء ـ كلها بشعة ـ ولا بسلوكه الذي يُغضبك ـ ما لم يصل إلى قلة الأدب الصريحة والفُحش ـ ولا بثمن الكشف ـ كُلهم باهظي الثمن ـ ولكن بتحَسُّن حالتك فى فترة محددة يُخبرك إياها.
لاحظ إنك أنت الذي تحتاجه لا هو. فغُض الطرف عن آلام الجوع مقابل رجيم ناجح وقوام جميل، نفس الوضع فى التعامل مع الأخصائي.
الطبيب تصف له، المعالج تشرح له، صديقك المُقرب تثرثر معه. وارد أن تجد شخص فيه صفتان أو حتى التلاتة، لكن لابد أن تعيّ الفرق كي لا تتعب وتُتتعب.
كنت أقولها دوماً للمتشددين فى "جروبي" : لا مشكلة لدي مع الرقية الشرعية ولا مع الأعشاب والجن والعفاريت فى ذاتهم، مشكلتي مع من يظن أنهم يعالجون. إذا الدواء / العلاج المعرفي/ اليوجا/ التحليل النفسي إلخ إلخ عالجوك فـ"جو آهيد". لكن لإن معادلة (الطبيب ـ المعالج ـ العلاج) هم فقط من أتوا بنتيجة أسرع فلهذا ننصح بهم حتى الأن. فى النهاية نحن مستعدون لِتَحمُّل أي شئ فى سبيل التحسُّن. العِبرة بالشبع لا بشراء الخبز.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات