أحلام عابرة في صيف تموز وشتاء كانون قبل عامٍ أو ثلاثة

أغمضُ عيناي، فأحلم

عائدة لإحدى صباحات تموز الحارّة، لمنزل جدتي الممتلئ

أُبصرها تُصلي، وأُنصت للضجيج يملأ المكان

الضجيج الّذي أفتقدُه -إلى حدٍ ما-

وإلى صوتِ جدتي وهي تدعو كلما رأتني

والسّبحة في يدها

إلى الحناء الّتي تُضفي لونًا بنيًّا براقًا

وأثوابها المُطرزة بألوانٍ زاهية

ولمسة يدها الدّافئة

ولشجرة الزيتون المعمرة بظلّها الّذي يُغطي المكان

وصوت الضحكات يدوي في الجدران

الجدران ذاتها الّتي هوت تسقط بعد أن أمست مهجورة

ليترَكُ المكان خاويًا لا يمتلئ

أخاف فقدان الصورة

أخاف نسيان الذّكرى

أخاف مضي الأيام


أغمض عيناي حالمة

أن أعود لبرد كانون، لبيت الجدّة

بقلبٍ تُدفئه اللمّة، وتُسامره الأحاديث الطويلة

لا يآبه بالرياح العاتية أو السّماء البارقة

بأطرافٍ باردة، تلتف بأوشحةٍ صوفيّة

أحاجي لا أكاد أفهمها، والضّحكات ذاتها

الضّحكات الّتي أفتقد لهفتها

وأحواض الزهور، أظنها ذبلت بعد أن فقدت نورها

والجهنميّة الّتي كانت تنثر بتلاتها تغمر الأرضية

أتساءل إن كانت على نفس الحال

لا أعلم شكل البيت حين يفتقد لأصحابه، لا أعلم هيئته حين يفقد أمانَهُ

كم هي بديهية فكرة أن لكلّ شيءٍ مرّة أخيرة،

وكم هو مثيرٌ للسخرية أنّنا دومًا سننسى هذهِ الفكرة، ولا ندركها إلّا بعد مضيها


أحلمُ؛ لأنّ الحلم وسيلتي الوحيدة لأعود

سبيلي الوحيد لأتذكر، لأملأ ركنًا فارغًا

قد لا يمتلئ مرّة ثانية,



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات زينب المدني

تدوينات ذات صلة