“وأن ما يسميه الناس تجربة هو داءٌ مزمن، لا يميتنا ولا نُشفى منه، لا نتحمله ولا نتخلص منه، يثور في أي لحظة ليذكرنا أن له مضاعفات غفلنا عنها أو تغافلنا".

لم أكن أفقه الكثير عن ضرائب الكبر، كيف تُسدد وكيف يستقبلها الإنسان.

أنّى لعين خيالي أن المركب لن تترنح بالقدر الذي سيجبر ذراعاي على التجديف بهذه القوة، قبل أن تُكتب لي مصائر أخرى في روايةٍ تخلو حتى من المراكب والأشرعة، وتمتلئ ببحر بغير ذي مدى يطغي على الصورة، أطفو فوقه وحولي بقايا كل شيء حملته على ظهري قبل أن أبدأ الرحلة ليُعينني ولم يكن إلا حملاً أغرقني وطفا بجانبي يشكل دائرة مُفرغة من الفشل.

بعد الاختبار الأول للمشاعر التي ستفزعك كثيرًا سيملأ الناس أذنيك بأمور حول التشكيل والنضج والضربة التي تقوِّي ولا تُميت، ولن يكون عليك إلا أن تحرك رأسك إيجابًا.

أفكارك عن كون الناس شطائر مقسومة، فلا يرتاح كل شطر ويكتمل حتى يتحد بشطره الآخر، وأن الحب يملأ الفراغ الذي تولد به في قلبك، وأن كل فشل يتبعه نجاح، وكل موت يتبعه حياة جديدة، وكل قصة تُكتب نهايتها فجرًا يبدأها إنسان آخر مع طلوع الشمس،

أن الدنيا مهما قست تلين وأن الجروح تؤلم وتنتهي. وأنه أمر طبيعي أن تتقبل مساعدة هي إطار لتجويف يمتلئ بقَرار من إنسان آخر لا يعرف عن قصتك شيء، لمجرد تسمية الأشياء بغير أسمائها.

كل الخيالات التي صنعتك رغم نسب حقيقيتها الكبيرة،

يأتي يوم واحد يضرب بها. جميعها.عرض الحائط.

الناس ليسوا أشطارًا مقسومة تبحث عن أشطارها الأخرى لتكتمل، لا الأجساد ولا الأرواح أُكرٌ مقسومة، ولا يوجد زوجان تلتصق أرواحهما كما يلتصق شطرا الكرة. وأن الحب كما يملؤك، فهو قادرٌ أيضًا على أن يجعلك تُهوّع كل ما في جوفك ضريبة على كل دقّة أحدثت ضجيجًا جميلاً. الحب تجربة قاسية حتى لو تَكلل ببيت ورغيف مقسوم.

الفشل يتبعه نجاح، ثم فشل كثير، يضرب الضوء الأبيض في عينينك ليجعل من رؤية نجاح آخر أمرًا مستحيلاً.

الموت يظل موت، حتى بعد استقبالك لكل عبارات التعازي، وعلمك بأن الجنة أوسع وأن الله أرحم. لا شيء من ذلك سيُخفف وطأة انقضاء حياة كاملة مع إنسان كان منك وفيك.

مع كتابة البدايات تُكتب النهايات، لن تسمع حكاية إلا واستشعرت نهايتها أو توقعتها قبل أن تدرك الأبعاد وتعرف الأحداث.

البرواز يحمل صورة لخمسة أشخاص،

كم كانت الأواصر الخفية بينهم عميق.. وكم كان ينهار عالمك بانهيار عالمهم.

وحول البرواز صور موضوعة بشكل عشوائي تلتقط عينيك واحدة وتتفحّص الملامح، تتذكر وتبكي بكاءًا لا يقطعه إلا مفاجأة من كيف كبر هذا الوجه، ومتى غاب الحب هنا وماتت التفاصيل الصغيرة.

كيف يكون للوقت كل هذه السلطة بتغيير وتجديد وتبديل، وموت وحياة!

يأتي الماضي، كل يوم، بحرابه المخيفة، ويغرسها في روحك.

لن تعد تنتظر نهاية مرضية لنصٍ تقرأه، تعلمك كيف تعيش أيامك أو كيف تنسى، وحتى لو انتهت النصوص بعبارات تحمل تلك المعاني،

ستكون على يقينٍ لا ينضب،

أنه لا حرية في الحب، ولا انتفاء لوجود الآخرين. أن الأحلام مظلّة مثقوبة لا يأتيك من خلفها إلا ما حملتها من أجل اتقاء شرّه. وأن الطعون النافذة لا تُشفى بتطهيرها بمحلولٍ مُطهر والتظاهر بأنها مجرد خدوش ستختفي آثارها الليلة أو غدًا.

أن ليس عليك إلا أن تُسلم وتستسلم، وتخرج للشاطيء حاملاً كل ما لفظه البحر خلف ظهرك.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات يُمنى سامي

تدوينات ذات صلة