و رغم تعثرهم الدائم، و بكائهم، و انهيراتهم، إلا أنهم لا يهزمون،لا يهزمون..!

ماذا تخال نفسك فاعلاً حين تظن أن حُزنهم هو نهايتهم؟!

ياصديقي أمثال هؤلاء لا يفنون، اعتادوا على مخالب الحياة، عرفوا معنى الهزيمة في أشدِّ لحظات توهجهم وانتصارهم، عرفوا معنى أن يعودوا مُحطَّمين، مهزومين رغم فرط تشبُّثهم بالأمل..

لم يندموا قط على الذين استفادوا منهم حتى استهلكوهم تمامًا ثم رحلوا عنهم، قد عرفوا أن الأوغاد الذين وعدوهم بالبقاء ثم رحلوا فجأة ليتركوهم في هوان منتصف الطريق، قد مروا عليهم ليصبحوا أمتن و أقوى من السابق لا ليضعفوا.. عاشوا أيام طويلة يقتلهم النبذ، و الخوف والرغبة في الهروب، وأيام أكثر قسوة من الفقد وفرط المزاجية، بين جدران غرفهم وهم يضربون رؤوسهم على وسائدهم ليُصمتوا الأفكار المزعجة، هم يعرفون تمامًا شعور فنجان القهوة الثالث ذاك الذي يبرد في مرحلة البحث عن التركيز..و مراقبة عقارب الساعة وهي تتحرك ببطئ، والوقوف في الشرفة بحثًا عن بضع نسمات من الهواء ليتأكدوا أنهم ما زالوا بامكانهم استشعار الأشياء، ما بك لا تعلم عن معاركهم اليومية بين نضوج عقولهم وطفولة قلوبهم؟! لا يجدون أجوبةٍ لتسائولاتكم المستمرة؛ أنَّ لكم هذا في سنٍ مُبكر!؟

لا تستعجب فهم أقوياء بما يكفي، لا يقفون كل صباح أمام مرآتهم ليحاولوا تجميل ملامحهم، و لا يخفون آثار ليالٍ قضوها وهم يحاربون في صمت وثباتٍ تام.. يظهرون كما هم بقناعة و ثقة تامة! إن ثباتهم و إزدهارهم المستمر ليس منهم، فإن سئلتهم كيف لكم ذلك، يخبرونكم بفرارهم و هروبهم المستمر إلى الله، سبحانه لا مخبأ لأسرارهم و لا ملجأ لهم سواه. و رغم الانكسرات، إلا أنهم و إن سألت، أقرب الأصدقاء لأصحاب الأوجاع والأحزان والاكتئاب، هم يعرفون كل هذا، و لكن من قال أنهم قد انطفئوا و صاروا رفاثاً؟!


ياصديقي، عندما يحزنون، لا ينتظرون المواساة، أقوياء بما يكفي لتقديم استقالتهم من العالم لفترة حتى يعودوا أقوى، هم فقط لا يحبون التعبير الواضح عن حزنهم، يحتاجون لفترة هدوء وممارسة طقوسهم الخاصة،ليعالجوا آثار وطلاسم الحزن في قلوبهم، کالأزهار تتساقط في الخريف وتصبح هذيلة هشة، فيضطروا للإختفاء والانطواء داخل أنفسهم حتى يعودوا أقوى في الربيع، يعودوا بقوتهم الكاملة، يعودوا ثابتين من جديد، ناضجين بما يكفي ليتجنبوا تعثر آخر، عقلاء بما يكفي ليبتعدوا من البداية عن الطرق المجهولة التي لا نهاية واضحة لها، لا يحومون حول الحمم، يتعلمون هم من أخطائهم السابقة،

عليهم أن ينهاروا لفترة حتى ينضجوا أكثر ويتأكدوا أن الحياة ليست وردية، وأن الموت يداعبنا كل يوم بالفراق، بالخيبات والخذلان ونوبات اليأس والبكاء،مثل هؤلاء لا يكونون ضعفاء، يائسين ومحطمين، مهتزين، أو خائفين، و رغم تعثرهم الدائم، و بكائهم، و انهيراتهم، إلا أنهم لا يهزمون،لا يهزمون..!

ريم عاطف

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

صباح الورد

إقرأ المزيد من تدوينات ريم عاطف

تدوينات ذات صلة