إن لي مساحيق تجميل مختلفةٌ عن تلك التي بالأسواق، و يوماً ما، سأتعلم كيفية الاستعمال. أيبدو هذا عادياً؟ أتمنى ذلك.
أنظر إلى الفتياتِ الأخريات و أتعجب كيف لكنّ هذا؟! أسيرُ في المتاجر و المولات و أجدهن يحترفن إختيار المرطبات المناسبة، و يتأنين في شراء مستحضراتِ التجميل، و يقمن بتجربة مئة لون من حمرة الشفاه، يبدو جميعهم كلونٍ واحدٍ بالنسبة لي. أتسأل كيف لهن أن يستيقظن و يضعن هذه الأشياء على وجوههن كل صباح؟ تضعن رفيقاتي ما يقرب من العشرون منتج فقط في حمام الصباح، كيف هذا؟ إن حمام الصباح هذا يُشبه غسيل دماء معركة البارحة بالنسبة لي. أقوم برأسي الثقيلة؛ ثقل الأفكار، و أغرقها تحت الماء الساخن حتى تموت. كيف لهُن هذا؟ الإهتمام بهذه الأشياء. لا أتذكر آخر مرة قمت فيها بطلاء أظافري؛ و لم أفعل ذلك؟! إنني أعد الأيام عداً، الأيام التي تسلم فيها أصابعي و كفوفي من الجروح. يدٌ مليئة بالخدوش إثر الحروب؛ أطِلاء الأظافر سيجعلها أجمل؟كنت أحب الكُحلة، حتى ما عادت تقتصرُ على عيني و حسب. فإن صُراخ القلب يخرجُ من الأعين، و يأخذ الكُحلة معه و يمزجه مع شلالاتِ الأدمع المتدفقة، و يصبح بهذا الحال إخفاء الدموع أكثر مشقة. فلماذا إذاً؟أجلس بينهن و أستمع للتسامر جيداً..”روتين الصباح” و “روتين المساء” يتحدثن عن العشرون مُرطبٍ، و الخمسون مُلطِّفٍ.. و ضعي هذا الزيت على جفونك كل مساء، و هذا الكريم على بشرتك كُل مساء، و هذا البلسم على شعرُكِ كل مساء، و هذا المُنعِّم على أرجلكِ كل مساء.كل مساء، كل مساء، كل مساء!لماذا إذاً مسائي يبدو مختلفاً عنهن؟!كيف لهن أن يفرقن بين مرطبٍ نهاريّ و مرطبٍ ليليّ؟!كيف لهُن أن يضعن هذه الأشياء على أنفسهن، كل ليلة من كل يوم؟!!إن في ليلتي، أجمع قطعي المتبقية من نهار اليوم، و أزحف بها جاهدةً إلى الفراش، أمشِطُ شعري بذراعي المُنهك و أشعُر أني أستحقُ جائزةً عظيمةً على هذا الانجاز العظيم. و في كل مرة أنسى منومي العُشبيُ؛ شرابُ “اللافندر” و “الكاموميل” و أقول لا بأس هذه المرة؛ سأنام دون إحتسائه. و أتضاحك على نفسي لأغرس رأسي وسط كومة الوسائد،و أغطي رأسي تحت الغطاء،ذلك الذي لا يُفارق تختي، صيفاً كان أم شتاء.أكادُ أثور على نفسي؛ نامي يا فتاة! أغرس رأسي أعمق و أعمق، و أستمر في ترديد آية الكرسي ما يقرُب من ستين مرة، و و الآيات الأخيرة من سورة البقرة، و أتمتم ببعض الذِكر المحفوظ..تستمر نبضات قلبي في التسارع، و كأنني كنت أركض أو ما شابه. تالله، إن هذا أسوأ من الركض…! أضع يدي على قلبي و أقول؛ ألا بذكر الله تطمئن القلوب.. اهدأ أرجوك.أكادُ أبكي؛ أتوسل إليكِ؛ هيا نامي يا فتاة..أعِدُكِ، غداً ستستيقظين باكراً، و سنُرتب معاً أفكاركِ.. غداً ستستيقظين باكراً للقيام و للفجر، و ستأخذين حمامكُ الدافئ، و ستمشطين شعرُكِ الجميل، و ستكوين قميصُك المفضل، و مجدداً؛ سنُرتب أفكاركِ.هذه هي الخطة.كل ما عليكِ فعله الآن هو أن تنامي. تعرفين هذا ليس في صفكِ يا فتاة، تعرفين ذلك و مع ذلك تستيقظين، بهذا الشكل السيء. أو ربما أنتِ حقاً سيئة..أكان يجِبُ عليكِ التفوه بهذه الحماقات نهار البارحة؟ اختاري اليوم كلمة من بين الكلمات؛ فاشلة أم مؤذية؟
أقول نامي يا بنت!! نامي قبل أن تستيقظ أطراف أفكاركِ هذه، نامي قبل أن تمتصك و تشرب عصيركِ.اصمُت أيها الدماغ! لا أستطيع ألا أُفكر؛ آلةٌ مجنونة!هذا هو المساء.يا رفيقتي، أيجعلها المُرطب و الزيت الذي رشحتيه لي، أقل ألماً؟هذا هو المساء، مستمرٌ هكذا حتى صباح اليوم التالي، أحرق الأفكار مرة أخرى تحت الماء الساخن. لا تقولي لي يا رفيقتي عن هذا المنتج السحري للهالات السوداء، فما الفارق في إخفائها؟
إن لي مساحيق تجميل مختلفةٌ عن تلك التي بالأسواق، و يوماً ما، سأتعلم كيفية الاستعمال.
أيبدو هذا عادياً؟ أتمنى ذلك.
-ريم عاطف
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات