كيف يمكن النظر للزواج من منظور هوية الفتاة المسلمة، الفتاة الفخورة بدينها، والسعيدة بربها، والمقتدية بخلق أمهات المؤمنين.

منذ مدة طويلة وأنا أفكر في هذه التدوينة، وأعيد صياغتها أكثر من مرة في خاطري، ويجول في فؤادي الكثير من الأسئلة، والقليل جداً من الأجوبة، فتراودني نفسي أن لا داعي للخوض في شيء لم تعيشيه بعد، ثم أعود للنقاش مع الكثير من المراجعات (في جلسات العلاج النفسي) اللواتي يعانين من نفس الأسئلة التي تخطر في بالي، الكثير من المشاكل الزوجية والقليل من الإصلاح، الكثير من العناد والبعد، والقليل من المودة والرحمة !

فسألت نفسي، كيف يمكن النظر للزواج من منظور هوية الفتاة المسلمة، الفتاة الفخورة بدينها، والسعيدة بربها، والمقتدية بخلق أمهات المؤمنين، وماذا يحدث أيتها المسلمة -فرضا- إن تزوجتي رجلاً مشبعاً بقصص النسوية، وخائف من الزواج أصلاً بسبب هذه القصص، ماذا سيكون حالك؟ وماذا سيحدث بإيمانك؟ وكيف سيكون صعباً عليكِ مواجهة تيار فكري يجري في المجتمع كمجرى الدم في العروق .. !!

وللصدفة الغريبة، وردتني رسالة على (الانستغرام)، من جهة نسوية، تحب أن تدعم قصة نجاحي (النسوية)، وأن تنشرها حتى تلهم الفتيات الصغيرات في السعي نحو أحلامهن، وتحقيق ذواتهن، بدون الاضطرار إلى وجود رجل في حياتهن! (عندما قرأت الرسالة ضحكت من قلبي وقررت كتابة هذا المقال).

بغض النظر عن أفكار النسوية وجذورها وأسبابها، هناك مشكلة حقيقة في محاولة زعزعة هوية الفتاة المسلمة، وتحويل مركزيتها من الرجل، إلى الصورة المثالية للمرأة التي تحقق طموحها وتحقق ذاتها، والمفارقة العجيبة أن الأصل في ديننا أن لا نتمركز أصلا حول شخص معين، لا لرجل ولا لمرأة، ولا أن نعيش لأجل رضى هذا الإنسان، وفي نفس الوقت أن لا نقصر في واجباتنا تجاه من حولنا، وأن نعاملهم بالإحسان والود، ليس لذواتهم، وإنما ابتغاء وجه الله.

وهنا تظهر هشاشة الفكر النسوي، وعقدة الرجل المتجذرة فيه، لأن الفتاة المسلمة في الأصل لا تحتاج النسوية في حياتها، فهي تفهم أن للرجل أدواره في الحياة، كما لها أدوارها، وأنه زوجها بحقوقه وواجباته، لله وليس لها، فهي لا تملكه وهو لا يملكها، فلماذا تصر النسويات على مفهوم أن الرجل إذا أحبك بالفعل منحك كل شيء!! (وقته وماله وجهده وكل تفكيره)، أليست هذه فكرة ساذجة مأخوذة من الأفلام التركية والهندية!؟ وإذا لم يفعل هذا، فليس لك شأن فيه، اتركيه وابحثي عن أحلامك، سافري واعملي واجتهدي وحققي ذاتك، يا لك من فتاة تعيش في قفص طوال حياتها..مسكينة أنتِ !!

لا أدعو للجفاء بين الأزواج، وإنما للقليل من الواقعية، وجعل مركزية الزواج الرئيسية هو رضى الله تعالى، والدستور القرآني، والسنة النبوية، والمعاملة بالحسنى والود والنصح والحب، والكثير الكثير من الرحمة، حتى لا نلجأ لكتاب (الرجال من المريخ والنساء من الزهرة)، في الحقيقة نحن من نفس الكوكب، ومن نفس بشرية واحدة، واحتياجاتنا غالباً واحدة، ولكن لنتخلى قليلاً عن الكبر والغرور، وليكون هذا الزواج هو استثمار في الجنة، قبل أن يكون في الدنيا.

وأكثر ما يصدمني على مجموعات الفيسبوك، عندما تستشير بعض النساء في مشاكلها الزوجية، فأكثر الردود تكون: (اطلبي الطلاق، انزعي حقوقك منه بكل ما أوتيت من قوة، استقلي مادياً، لا تظهري له مشاعرك وحبك) .. وغيرها من الردود التي تحزنني على حال أمتي، وتجعلني أدعو الله أن يستخدمني ولا يستبدلني في خدمة المرأة المسلمة، لفهم مركزية الله في حياتها، وأن تعيش حياتها سعيدة منعمة بما وهبها الله، وأن تختار زوجاً صالحاً (معتزاً بإسلامه) ليكون خير رفيق لها في هذه الحياة الدنيا والآخرة، وأن تنشغل بما فيه خير لها ولأمتها، وأن تتعلم وتجتهد وتعمل وتسعى في كسب الرزق الحلال الطيب، وتكون ممتنة لله على هذا السعي وهذا الرزق، فينمو الإيمان في قلبها، وتحقق أدوارها في الدنيا بكل حب، فتكون خير انسانة، وخير مسلمة، وخير زوجة، وخير أم، وخير ابنه.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات شيماء الصمادي

تدوينات ذات صلة