" الشعور بالرضى والسعادة لا يتطلب الكثير من الماديات والأعباء , فقط بإمكاننا أن نرى الأمور بحجمها الحقيقي ونشعر بالوفرة بما نمتلك "





"هل جربت يوما أن تكون ممتنا للهواء الذي تتنفسه ! "

إذا طلب أحدهم مني وصفة سحرية للتخلص من أية مشاكل أو مشاعر سلبية ، وللتخلص من الإكتئاب أو عدم الرضى وعدم الشعور بالتقدير الذاتي وضغوط العمل ... لن أجد غير هاته الوصفة السحرية :


" كن ممتنا ".


لنعد إلى الماضي ،عندما كنت طفلا تنظر لأدق الأمور حولك بشكل يملؤه الإنبهار والسعادة ،كانت قطعة صغيرة من الحلوى تستطيع أن تجعلك تبتسم ، الفراشة التي تحلق بين الزهور ،الطبيعة حولك ، ونظرتك للكبار وأنهم يقدمون لك الكثير من الأشياء التي ترى أن فعلها عظيم جدا ،لتعود بعد يومك إلى النوم وتنتظر السعادة في اليوم الموالي .

قد تقول الآن ذلك كان في الماضي وقد اختلف كل شيء والضغوطات اليوم أكبر

لكنني أؤكد لك أن ما اختلف هو طريقة نظرتنا وتقديرنا لما حولنا من نعم وحسب



ماهو الإمتنان ؟


الإمتنان هو تقدير ما لدينا من نعم بدلا من السعي للوصول إلى درجات أخرى على أمل أن نسعد ، أو ببساطة أن نقدر ما نمتلكه في لحظته ونركز عليه ، ونفكر أن ما يمتلكه غيرنا نمتلكه نحن على هيئة أخرى .



دعني أخبرك قصة صياد الإمتنان :

🎣

كان هناك صياد دائما ما يتذمر ويشعر بعدم الرضى لأن جميع أصدقائه أفضل منه ولهم محال كبيرة ويعملون في أجواء أقل خطر منه ودخلهم أوفر بكثير ،بينما هو يخاطر بنفسه كل يوم ويتحدى أمواج البحر وينتظر طويلا ليصطاد السمك وقد لا يصطاد شيئا ويعود إلى بيته خالي الوفاض ، وذات يوم وبينما هو على قاربه وأشعه الشمس الدافئة تغمر المكان ونسمات الهواء العليلة تحيطه ،فكر أن يعد ما لديه من نعم ويرى الفرق بينه وبين أصدقائه وقال مخاطبا نفسه: أنا أستيقظ باكرا وأستطيع المجيء للبحر كل يوم والعمل ،أستمتع بمنظر الشروق وأتنفس هواءا نقيا ، أجيد إستعمال السنارة وأصطاد السمك بطريقة سهلة ،،لا أتعب في بيع السمك فكثير من الناس ينتظرون إنتهائي من الصيد ليشتروا مني .. قال ذلك وقد إنتبه إلى ما لديه من نعم وتذكر أن أصدقائه الذين يعملون في السوق يضطرون لدفع أجرة الإيجار والضرائب و تحمل المشاكل مع الزبائن والسفر لجلب بضائعهم ويعودون منهكين إلى بيوتهم .


إن الخالق قد أعطى كل واحد منا ثراءا خاصا به ،وأحاطه بنعم لا محدودة ،وجعل التمايز بين الناس إختبارا لهم هل يقدرون ما يملكونه أم يستمرون في النظر إلى إناء الآخر ومن هنا يأتي الإمتنان

فلكل إنسان كنزه الخاص ولذلك الكنز مفتاح لا يمتلكه أحد غيره فلما نحاول إستعمال مفاتيح غيرنا والتطلع إلى ما لديهم بينما كنزنا بأيدينا !


لماذا لا نقدر ما نمتلكه ؟ لماذا لا نشعر بالإمتنان؟


الكثير من الناس رضوا لأنفسهم مهمة مراقبة الغير والمقارنة بالآخرين ، ولأنهم جعلوا التقدير لأنفسهم يأتي من الآخر وأنه يجب أن نكون كغيرنا فالمال الذي بيد شخص آخر نحن أحق به ! والسعادة التي نراها عند الغير نحن أولى بها ! وهذا خطأ تربوي قد يقوم به الوالدان دون شعور أو تقدير يقومون بتوريث أبنائهم مشاعر النقص والإفتقار للآخر وأنهم أولى بكسب ما عند غيرهم أو بالأحرى أن الماديات هي وحدها مصدر الوفرة والثراء والتقدير ..



لماذا يجب أن أكون ممتنا ؟


الشعور بالإمتنان يزيد من السعادة والرضى ويقلل نسبة الإصابة بالصدمات النفسية والكثير من الأمراض ويجعلنا نقدر ما نمتلك ونتسامح مع الآخر ولأنه يوفر لنا الزيادة بشكل سريع ومبهر



" لئن شكرتم لأزيدنكم "



هل فكرت يوما أن هاته الآية هي الحل لكل المشاكل والأذى النفسي والفقر وعدم الرضى وللوفرة والثراء ؟

الشكر هو لحظة التقدير للخالق أولا على ما أولانا به من نعم وهو عبادة روحية عظيمة تعرج بك إلى درجات عالية من الصفاء والسعادة



* أكثر شخص متشائم سيقول الآن وماذا لدي لأشكر ؟


سأخبرك ،أنت الآن تتنفس بينما غيرك يدفع الكثير من المال ويدفع من عمره ليتنفس عبر جهاز تنفس إصطناعي

أنت لديك أقدام تسير بها دون الحاجة لأن ينقلك أحد آخر في كرسي متحرك

أنت تمتلك أعين ترى بها سحر الطبيعة وجمالها ،لديك الكثير من الأشياء التي تستحق الشكر فقط في جسدك فما بالك بما حولك !

لنعرف ماذا نمتلك من نعم لنحضر ورقة ونكتب النعم التي خصنا الله بها كالهواء ،الدين ،الجسد ،العمل ،المنزل ،العائلة ،الهوايات ،الأصدقاء ،الوطن ، الدراسة ،العلاقات ...

ولنفصل تحديدا ماذا نمتلك في كل جانب ،سنجد قائمة طويلة جدا وسنعجز على الإلمام بنعم الله الكثيرة



الوصفة السحرية للإمتنان :


كأي عادة نحاول إمتلاكها ، لابد أن تأخذ حيزا من الوقت والفعل وهناك تمرين بسيط نقوم به على مدار 21 يوما لمدة لا تزيد عن خمسة دقائق قبل النوم



- تذكر خمسة أمور جيدة أو نعم حصلت أو حافظت عليها خلال يومك مهما كانت بسيطة ( إبتسامة احدهم لك / كوب عصير منعش / إستيقاظك باكرا / تنفسك بشكل جيد / رؤيتك لأحدهم...)

وأكتب أمام كل نعمة منها : " أنا ممتن وشاكر لله على هاته النعمة التي خصني بها اليوم " أو قل ذلك بأي صيغة تريحك أكثر

- تذكر شخصا واحدا على الأقل قابلته في يومك وقد قام بأمر جيد واكتب ذلك ممتنا له مثلا : " أنا ممتن لعمال النظافة الذين رفعوا النفايات من الطريق الذي مررت به / أنا ممتن لصديقي الذي إتصل بي اليوم ..."

- تذكر خمسة أمور أخرى ترى أنها غير جيدة وأنك لست محظوظا بوقوعها لك اليوم ،ولتكن ممتنا لذلك بأن تفكر في مدى صحة ما إختاره الله لك : " أنا ممتن لأن والدتي حدثتني بطريقة لم أرى أنها مناسبة لكنني شاكر لله الذي علمني بذلك كيف أعاملها بطريقة أفضل / أنا ممتن لأن علاماتي لم تكن جيدة وأعلم أن الله يريد مني الإجتهاد أكثر وأنه لدي المزيد من الأمور لأتعلمها / أنا ممتن لأن ( شخص ) قام بقول كلام غير جيد عني لأن الله أوضح لي نواياه وعلمني كيف أتصرف مع أشخاص مثله .....)





وهكذا وبطريقة قلب الأمور السلبية لأمور جيدة سنشعر بالرضى لكل ما حصل معنا لأنه بكل تأكيد ومهما كان فهو في مصلحتنا وفي خدمتنا

ومع الوقت ستجد الكثير لتكون ممتنا له وستستطيع تقدير ما لديك من نعم وجلب المزيد منها لحياتك وستكون الوفرة المدهشة دوما في طريقك ،حتى تصل لدرجة الإمتنان للنعم التي عند غيرك .


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

كانت المقالة مفيدة جدا للدرجة التي جعلتني اشعر بالامتنان لك فكل كلمة كنت اقرؤها كانت مفعمة بالحب والوئام ووصلني ذلك الشعور ببساطة
شكرا ....

إقرأ المزيد من تدوينات سناء بن داودي

تدوينات ذات صلة