"عش سعيدا لنفسك وللآخرين, تلك كانت فلسفة قدماء المصريين والسبب في فوزهم بالجنة"
من المعلومات الشيقة التي قرأتها حديثاً أن المصريين القدماء (الفراعنة) كانوا يؤمنون بأن المصري عندما يُبعث بعد موته يقف أمام باب الجنة ولا يدخلها إلا إذا أجاب على سؤالين اثنين:
السؤال الأول: هل شعرت بالبهجة في حياتك؟
السؤال الثاني: هل كنت سببا في ادخال البهجة في حياة انسان آخر غيرك؟
وإذا لم يجب على السؤال الثاني لا يدخل الجنة ويحرم منها للأبد.
اللوحة تبين عملية وزن قلب حونفر في الميزان والمقارنة بريشة ماعت (الحقيقة والعدل) ويقوم بها الإله أنوبس. ويقوم الإله tتوت بتسجيل نتيجة الميزان. فإذا كان قلب الميت أخف من الريشة سمح له الحياة في الآخرة. وإذا كان قلب الميت أثقل من "ريشة الحقيقة" (ماعت) فمعنى ذلك أن الميت كان جبارا عصيا وكاذبا في حياته في الدنيا يفعل المنكرات، عندئذ يلقى بقلبه ويلتهمه الوحش الخرافي عمعموت المنتظر بجانب الميزان، وتكون هذه هي نهايته الأبدية. جزء من كتاب الموتى ل "حونفر" [Hunefer] (حوالي 1275 قبل الميلاد)
فإذا كان من المهم أن تكون سعيدا وحريصا على ادخال البهجة إلي قلبك، فالأهم والفيصل هو ادخال البهجة في نفوس الآخر ولو فرد واحد. فنجاح الإنسان لا يقاس بقدرته على اسعاد نفسه وكفي، فتلك أنانية منبوذة. ولكن الأنانية والتي يتبعها تطبيق حب الذات علي الآخرين، تلك هي القدرة الحقيقة وترمومتر نجاح الإنسان في الحياة.
فحب الذات الذي يسبق حب الآخر من الممكن اعتباره نوعا من التدريب علي كيفية احداث البهجة في الحياة عموما. وبطبيعة الحال فالمنطق يقول إن إسعاد الذات وادخال البهجة عليها شرط لإسعاد الآخر، ببساطة لأنك لا تستطيع اسعاد الآخر وأنت نفسك تشعر بالتعاسة.
ولست أدرى هل كان اعتقاد المصريين القدماء ذلك مبني علي فلسفة أو دين، ولكنه اعتقاد يلخص دورنا تجاه أنفسنا والآخرين في الحياة وأهميته في الفوز بالآخرة. وهذا الاعتقاد لا ينافي الشريعة والدين بل تتفق معه تماما في القرآن والسنة وكذلك الأديان السماوية الأخرى اليهودية والمسيحية. ففي القرآن الكريم اية ما معناها ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ الحشر:[ 9] . وهناك حديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" ، رواه البخاري ومسلم .
العجيب أن كاتب الفيلم الامريكي الرائع "The Bucket List” استخدمه في الحوار ووظفه بذكاء لصالح الفلسفة المطروحة في الفيلم التي تواجه الإنسان في أواخر حياته سواء كان فقيرا أم غنياً.
وبهذه المناسبة أدعوكم لمشاهدة هذا الفيلم الرائع الذي يناقش قائمة أمنيات الحياة وترتيبها وتغيير ترتيبها واضافة وحذف بعضها من وقت لآخر، وكيف أن أحب الناس لنا في الحياة يبقوا دائما رقم واحد على القائمة حتي ولو أزحناهم في ذيل القائمة بالخطأ في وقت ما في حياتنا.
كلمة أخيرة "عش سعيدا لنفسك وللآخرين".
تحياتي
د. محمد لبيب سالم
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات