أيهما أفضل للنفس البشرية الوعي المطلق أم الجهل المطلق ؟


يظل الانسان طوال حياته يسعى إلى المعرفة, يمضي و يقطع كل المسافات للحصول على الحقيقة, و عندما يمسك بطرف خيطها يستبد به الذعر فيفر هاربا منها أو ربما من قسوتها و يشرع برسم الأوهام و تصديقها, ليعود بعد ذلك إلى التذمر من بشاعة الكذب...

في ظل هذه الحلقة المفرغة, ماذا يريد الإنسان حقا ؟ و من يا ترى يصوغ الاخر الوهم أم الإنسان ؟ هل نحن اختلقنا الأوهام لحياتنا أم تراها هي اختلقتنا ؟

نشكو دوما من الضياع, الشتات, و عدم الادراك فنظل تائهين نلهث وراء معرفة ذواتنا و حيواتنا. و لكننا عند أول خيط للوعي نمسكه و عند أول ومضة حقيقة نلمحها يملؤنا الخوف.

فهل يكون الخوف من المعرفة أكبر من الخوف من المجهول ؟

في المجهول دوما نوع من الأمل, شيء من الرجاء, و متسع صغير للدعاء. أما عندما يتعلق الأمر بالوعي المعرفي نصبح عاجزين عن اختلاق الآمال و الأرجاء و الأدعية.

فالحقيقة هي الحقيقة أما المجهول فهو احتمالات عديدة و إن كان الوهم واحدا منها.

فلم نهاب الوهم إلى هذه الدرجة؟ أولا يعيش في عقولنا و يتخذ من أفكارنا مجريات لأحداثه ؟ أولا نشعر به و نتفاعل معه بل و ندافع عنه أحيانا ؟ لم نستنكر وجوده إن كان يشغل مساحة كبيرة من حياتنا مثله كمثل الواقع تماما ؟ لماذا نصر على إيجاد المعرفة و نحن نعلم أنها لا تجلب النفع معها دوما ؟

و الأهم من ذلك كله, أيهما أفضل للنفس البشرية وهم يعمي عينيها إلا عن السعادة أم وعي مبصر للظلال القاتمة ؟

و كم يلزم الانسان من الوعي كي يبصر دون أن يتنبه للظلال و من الوهم كي يسعد دون أن يكف نظره ؟

و بين الجهل و المعرفة, السعادة و التعاسة, الشتات و الاستقرار, الوهم و الوعي, و الكذب و الحقيقة, أي ثمن نختار أن ندفع ؟ و أي تضحية نرضى أن نقدم ؟


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات نور قره طحان

تدوينات ذات صلة