أحيانا نحتاج الى أن نبوح بما يشتعل بين جنبات قلوبنا التي أرهقها الزمن . وهذا ليس ضعفا بل محاولة للصمود

قليل من البوح

خرجت مسرعة، متجهمة كأن على رأسها الطير، جلست خلف المقود ساهمة، بدأت بالتحرك الى اللا وجهة، تركت الريح تأخذها إلى حيث تريد، سارت باستقامة، ثم يمينا فيسار، وصلت إلى أقرب الأماكن لروحها، إنّه البحر. ترّجلت بوهن، وقفت أمامه منحنية الظهر، تقادمت على عاتقها سنين عجاف يابسات فأنهكته، ذابت في حضرته هوى، وتقف احتراما، بأمواجه المتلاطمة عند الغضب، وسطوته عندما ترتفع لجته منافسة الطير في التحليق، بتناقض مده وجزره.. تهاوت على الأرض مجهشة ببكاء مرير وبحرقة قلب، أفرغت محتوى عينيها من دموع حزن وألم وحسرة. ناجته هامسة: " صديقي الأبدي، ملاذي الأخير الآمن، يا من ترسو سفينتي على شاطئه بعد عناء سفر ورحيل لا زال مستمرا بلا انقطاع، بعد اضطراب واندفاع كمياه شلال تتساقط بعنف وهدير صاخب، أصابني الإرهاق والشحوب، روحي الجميلة أضحت ذابلة، وأصبح إشراق نهاري غرابيب سود ، غلفني الهم وصعقتني كإعصار برق يخلفه رعد.. يا إلهي.. رحمة واسعة تجلو صدأ قلبي بقيت ساعات تشكو ما فعل فلان وعلان، ما حصل وما يمكن أن يحصل، حتى نفدت تلك الحروف والكلمات، بدأت أمارات الوجوم بالتلاشي شيئا فشيئا، واستعادت روحها التوازن الداخلي والطمأنينة، تذوقت حلاوة مشهد غروب الشمس، وأشعتها المنعكسة على صفحة مياه البحر، بعثت في قلبها نبض الحياة من جديد، بدأت تنظر لواقعها بمنظار أكثر تفاؤل....ماذا ستفعلين الآن؟؟ سؤال مهم استجمعت شجاعتها، نهضت بثقة، عاهدت نفسها أن تكون الكائن الأفضل في هذا الكون...


حمائم الحزن تحلق بعيدا ، تتسلق أصعب القمم، تواجه تحديات قاسية كالحجارة أو أشد قسوة.. تجرعت مرارة الفقد والحرمان، تغشتها سحب الهم والألم، ورفرفت حمائم الحزن فوق رأسها لبعض الوقت، غرقت في بحر الغربة واللامبالاة..سلبت منها حواسها، وبترت أطرافها التي كانت تستند عليها وتسندها كي تحيا. لكنها رغم كل الظلمات التي حفّتها، ولوّنت مضمونها... تكمن في زاوية بعيدة من روحها كوة ، يشقها بصيص نور.. يمنحها القوة،ويغريها بالتصميم،، فكانت مع كل عثرة تنهض من جديد، وتنفض الغبار الذي علق بذيل ثوبها، لتقف بثبات، ترفع هامتها بشموخ، تتنشق أريج الأمل.. تستجمع جيوش الحرية لتهاجم بشراسة تلك الخرافات وذلك الجهل..


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات نريمان نزار

تدوينات ذات صلة