وصف الصراعات التي تتجاذب الفرد في أي مجتمع ، داخلية كانت أم خارجية ، ودعوة لتكون أنت بكل تفاصيلك

معاركك أنت

جلس في آخر نهار عمل مرهق ليرتاح على أرجوحة وضعت خلف بيت العائلة ، على رقعة خضراء ، سعت والدته جاهدة لزراعتها ببعض النباتات المنزلية البسيطة ، فكانت عونا لهم على صعوبات الحياة ، وبينما هو جالس فإذا ببصره يقع على نملة ، تحاول نقل حبة قمح تبلغ ضعف وزنها ، وفي كل مرة تحملها برهة ثم تسقط ، وبقيت على هذا الحال بين نهوض وسقوط وسير الهوينى تمكنت أخيرا من إيصالها إلى معسكر النمل الخاص بها.أخذ يحدث نفسه : أعجزت أن أكون كهذه النملة صاحبة العزم الصابرة ، المحققة لطموحها في نهاية المطاف ؟!استجمع قوته ولملم شتات نفسه وأحكم زمام أمره قائلا :لن يخوض أحد سواك معارككأنت وحدك من يمتلك القوة والإرادة لخوض غمار الكون ، دون وهن أو عجز أو ترددوإن صفعتك الحياة على خدك الأيمن ، اجعل من ذلك دعامة وسندا لا يلين ، تسلّح بلبّ وهمة وقدرة على الصمود ، فمهما تكالبت عليك الخطوب وحاصرتك وانشبت أظفارها في روحك بشراسة ووحشية ، قف ثابتا كأشجار نخيل حولية ، تصد كل ريح وإعصار وعاصفة.كن معطاء كحقول قمح وسنابل ، صافيا كقطرات مطر طاهرة في ساعات الفجر الأولى.فليكن قلبك دافئا ، يشع بأريج المحبة والأمل.كن أنت بكل تفاصيلك وملامحك العذبة ، كنبع ماء يشق طريقه بين الصخور القاسية.وهكذا بدأت حياته بالتغير نحو الأفضل ، وكانت نهاية ليل الهم ، فجر مشرق بالحيوية والنشاط.



يا بني إن أقوى أنواع الصراعات وأعتاها ، ما كان بين المرء وذاته ، بين هوى النفس ورغباتها ، وبين الدور الذي يضطلع به في مجتمعه الصارم.بين شغفه للتحليق بحرية ، وبين بقائه مصفدا بقيود وأغلال التعصب والجهل أحيانا.بين أن يرسم هدفا شريفا عاليا كنجم سهيل ، وبين أن يخلد إلى سابع أرض متهالكا مهانا.بين أن يترك ذكرى تفوح عبقا يصل إلى أصقاع الأرض وأقطابها ، وبين أن يتسرب إلى الجوف كوابل أمطرته سحابة غابرة.بين تغليب الخير في روحه وترسيخ قيم وأخلاق ، وبين الاستسلام لشيطان رجيم ، بين أن يشع قلبه بنور وايمان وبين أن تغمره غياهب الظلمات ، كن قويا كي تحسم المعركة ، واختر ما تريد أن تكون عليه حقق سلامك الداخلي لتحيا بتوازن


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات نريمان نزار

تدوينات ذات صلة