الذكاء الاصطناعي، بين السلبية والايجابية.. و نظرات المختصين
لا بُدَّ أنكم سمعتم عن "الذكاء الاصطناعي" أو قرأتم هذا المصطلح، ومهما كان اختصاصكم فأنتم تستخدمون إحدى تقنياته المعقدة، التي أصبحت شائعة منذ مؤتمر جامعة دارتمورث سنة ١٩٥٦م، وحتى لحظة قراءتكم لهذه السطور، وعليه فقد كتب الباحثون والمختصون حوالي (١,٦) مليون وستمائة ألف بحث منشور بكل الطرق والوسائل، وان هناك حوالي (٣٤٠) ثلاثمئة وأربعين ألف ابتكار وملكية فكرية لتسجيل طلبات براءات الاختراع المُتعلقة بالذكاء الاصطناعي، مما يعني مزيد من التقدم ومزيد من الأمور المفاجئة لنا...
الذكاء الاصطناعي نجح في أداء مهمات معقدة وفكرية قام بها البشر، وهو يمتلك طرق تفوق العقل البشري من ناحية الدقة والسرعة، لذلك أننا نشاهد الكثير من التطور في تحديث السلع والخدمات سواء الاقتصادية أو الثقافية أو العلمية وكيفية انتشارها وتوزيعها، إضافة إلى قيامه بمهام روتينية كثيرة ومملة أحيانًا كانت لا تؤدى إلا عن طريق البشر فقط! وإن الذي أريد قوله لكم، إِنَّ العالم وقبل هذا المصطلح كان يحتوي على تنافس بشري قوي على تشجيع الابتكار والصناعة والاختراع والإبداع، للحصول على مكانة عالية وحسنة من خلال الكتابة مثلًا أو الأعمال والصناعات والحرف التي تترك أثرًا طيبًا في الناس والمجتمع..
إلا أننا اليوم نواجه مشكلة قانونية ومجتمعية ألا وهي أَنَّ مصفوفات الذكاء الاصطناعي أصبحت تنشئ مقاطع موسيقية وأغاني، بل تكتب مقالات بلغة جيدة، وتشكّلها بلغة فصيحة، وأصبحت تقوم بتعديل وتقويم الأخطاء، بل الأكثر من ذلك ترسم وتنحت وتخطط وتنافس يد الفنان من البشر...
طيب.. هل سنلاحظ براءات اختراع وإنجازات تسجل باسم الذكاء الاصطناعي مستقبلًا؟ وإلا لمن تُنسب حقوق التصميم الصناعي أو براءات التصميم والأعمال الإبداعية، من الأعمال وحق المؤلف والحقوق المجاورة التي تنشأ بناءً على عمل الذكاء الاصطناعي؟!
وحتى نكون في الصورة أكثر فإن قوانين الملكية الفكرية هي من أجلنا نحن البشر من أجل تطوير ملكاتنا وقدراتنا للتنافس العادل والابتكار بما يخدم المجتمع البشري وتطوير حواسنا وقدراتنا، لِأَنَّ الإبداع والابتكار والتفكير من سمات ومميزات بني البشر لقول الله عَزَّ وجل (أفلا يتدبرون)، ومثلها (أفلا يعقلون) وأيضًا (أفلا يتفكرون) إلى آخر ذلك من الآيات الدالة على سمات وصفات الإنسان العاقل.
لكن الذي نتفاجأ به اليوم هو إبداع الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض المعقدة والمستعصية، وصناعة الألحان والموسيقى، ووضع الخطط الاستراتيجية وله دور الوسيط والمُرشّح بين المستهلك والمنتج والعلامة التجارية، كما أَنَّهُ يقدم توصيات فريدة إلى المستهلك على أساس قرارات الشراء السابقة وقراءة التبعات المستقبلية..
إن النتاج الفكري والأعمال الإبداعية التي خرج بها الذكاء الاصطناعي لا بد لها من طريقة لتمييزها عن بني البشر، وإلا كيف تتساوى الأعمال التي تخرج عن طريق الآلة والإنسان؟! لِأَنَّ الأعمال الناتجة عن بني البشر تكون محمية بقانون ألا وهو بموجب قوانين الملكية الفكرية كما هو معلوم- حق المؤلف والتصاميم وبراءات الاختراع والأعمال والأفكار التجارية- وأنا أعلم أيضًا أَنَّ هناك أرقاما إلكترونية تكون متعلقة بالروبوتات وغيرها من الأجهزة الإلكترونية التي تميزها عن غيرها من ناحية إثبات شخصية الآلة- إن جاز التعبير- إلا أنها تظل محل جدال ونقاش واسع بين أهل القانون..
وإلا ما الحلول التي من المفترض أن نصل إليها من خلال الأسئلة السالفة الذكر؟
أو على من يقع العقاب الناتج عن الأضرار التي تخلفها أجهزة الذكاء الاصطناعي عندما تدهس سيارة ذاتية القيادة شخص مَارًّا في الطريق؟
أو أن يخطئ جهاز كشف طبي يتمتع بخصائص الذكاء الاصطناعي ليترك عاهة مستديمة؟
أو طائرة مسيرة في حساب مساحات معينة أو فشل في إنقاذ بني البشر؟
أو على العكس تخطئ في قصف أهدافها العسكرية؟
أعتقد أَنَّ المستقبل القريب سيشهد إجابات شافية لهذه الأسئلة بجهود وتكاتف القوى في كل المجالات من المحامين وفقهاء القانون وعلم الاجتماع والمهندسين الذين سيجيبون على كل هذه الأسئلة.. إلى ذلك الحين نكون في مزيد من المشاكل مع مزيد من التطور..
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
بصراحة هناك الكثير من الاسئلة التي تحتاج إلى اجابة.. بانتظار تعليقاتكم الغنيّة.. مودتي لكم