الثورة الصناعية الرابعة ليست تنبؤًا بالمستقبل، ولكنها دعوة للعمل


أدت الثورة الصناعية الرابعة والتغير الديموغرافي، والتحولات الصناعية، واحتياجات المستهلك المتغيرة إلى خلق طلب على ملايين الوظائف الجديدة التي يكون فيها متوسط دخل الفرد عالي وفيها أكثر إبداع واستمتاع. لكنها في المقابل زادت من التهديد المتمثل في عدم تكافؤ الفرص، والحرمان من العديد من الوظائف التقليدية، واتساع التفاوت في الدخل بين الوظائف المختلفة. إن الثورة الصناعية الرابعة -وبحسب كل المؤشرات- ستؤثر على كل فرد ومنظمة واقتصاد بطريقة مباشرة وغير مباشرة. فوفقًا لتقدير تقرير مستقبل الوظائف لعام 2018م الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي على مستوى العالم، فإن تحول سوق العمل الذي أحدثته الثورة الصناعية الرابعة قد يؤدي إلى خلق 133 مليون وظيفة جديدة وإزاحة 75 مليون وظيفة في نفس الوقت، خلال الفترة من 2018م إلى 2022م. لذلك علينا جميعا أن نضع أنفسنا في موضع للاستفادة من التقنيات التي خلقتها الثورة الصناعية الرابعة لضمان وظائف لنا أو حتى استمرارنا في وظائفنا التي سوف تتغير نتيجة هذه الثورة، وذلك من خلال تثقيف أنفسنا، وتطوير استراتيجياتنا لمواجهة وفهم تغيرات الثورة الصناعية الرابعة. بمعنى آخر عليها أن نستجيب لمتطلبات هذه الثورة ونعمل على إعادة تشكيل مهاراتنا.

وحتى تضع نفسك في موقع الاستفادة من الثورة الصناعية الرابعة، عليك أولا أن تفهم معنى الثورة الصناعية الرابعة. الثورة الصناعية الرابعة باختصار، هي ثورة جاءت بعد ثلاث ثورات، الأولى التي بنيت على الطاقة الميكانيكية، والثانية التي اعتمدت على الطاقة الكهربائية، والثالثة التي اعتمدت على الرقمنة. أما الثورة الصناعية الرابعة فقد جاءت مختلفة تماما عن كل الثورات السابقة، فهي تعتمد على مجموعة تقنيات تحول العالم المادي والرقمي الى عالمين متزامنان ومتداخلان. على سبيل المثال، تعمل تقنية إنترنت الأشياء على توصيل البشر بالإنترنت وتربطهم بالأجهزة والبرامج. هناك تقنيات ناشئة من شأنها تمكين إنترنت الأشياء البشري (HIoT). وهي تشمل التسلسل الجيني، وتحرير الجينات، والبيولوجيا التركيبية، والتكنولوجيا العصبية، والرقائق البشرية. كما تشمل الثورة الصناعية الرابعة التقنيات التخريبية للذكاء الاصطناعي (AI) والروبوتات وإنترنت الأشياء والطباعة ثلاثية الأبعاد والهندسة الوراثية وعلوم المواد والحوسبة الكمومية وغيرها من التقنيات الناشئة. لذلك فبحسب كل الأكاديميون ومراكز الفكر، الثورة الصناعية الرابعة سوف تؤثر على كل فرد ومنظمة واقتصاد بطريقة ثورية.

ارفع مهاراتك لتصنع وظيفتك في الثورة الصناعية الرابعة99570812081083070
الثورة الصناعية الرابعة ليست تنبؤًا بالمستقبل، ولكنها دعوة للعمل
أفضل طريقة للاستعداد هي البقاء على علم #غادة_عامر



لذلك عليك أن تستعد، فهذه مسؤوليتك أنت قبل أي شخص. ووفقًا "لبريتانيكا"، فإن "الثورة الصناعية الرابعة ليست تنبؤًا بالمستقبل، ولكنها دعوة للعمل." وبالتالي هذه هي دعوتك للعمل للاستعداد للتغييرات الكبيرة. كيف ذلك؟ عليك أولا أن تبقى في حالة تأهب وتعلم دائم (أفضل طريقة للاستعداد هي البقاء على علم). استعد لتكون متعلمًا مدى الحياة. يعتقد العديد من الخبراء أن أفضل طريقة لضمان احتفاظك بوظيفة في الثورة الصناعية الرابعة هي إثبات أنك متعلم جيد وانك على استعداد لذلك مدى الحياة. فأكثر ما يميز هذه الثورة أن التكنولوجيا فيها تتغير بسرعة، ويجب أن تكون مستعدًا وقادرًا على التعلم والتكيف. كذلك عليك تعلم مهارات جديدة حتى تتمكن من القيام بعمل مختلف، وحتى يتم الاحتفاظ بك، لأن كل الوظائف التقليدية سوف تختفي. قم بتطوير المهارات التي لديك بالفعل، وتعلم مهارات جديدة تتعلق بنقاط قوتك وموهبتك، ثم وجه ما تعلمته لخدمة المجتمع الذي أنت فيه حتى تخلق لأفكارك سوق حقيقي. بمعنى آخر اجعل نفسك لا تقدر بثمن، إذا كنت لا تريد أن تفقد وظيفتك بسبب آلة، فعليك أن توضح لصاحب العمل سبب كونك أكثر قيمة من تلك الآلة. ما الذي يمكنك فعله ولا تستطيع الآلة فعله؟ هل أنت مبدع أم مفكر نقدي؟ هل يمكنك أخذ البيانات وتقسيمها إلى طريقة يفهمها الناس (وليس أجهزة الكمبيوتر)؟ هل تقدم حلول نوعية لأي مشكلة وتسهل الإجراءات؟ أم إنك تعشق تصدير المشاكل، وتستمد قوتك من الروتين القاتل؟

إن من أهم المهارات الشخصية التي سوف تساعدك على البقاء في سوق العمل في ظل الثورة الصناعية الرابعة والتي يؤكد عليها جميع الخبراء هي: أولا أن يكون لديك قدرة على التفكير النقدي والتفكير التصميمي. وذلك بأن تكون قادر على التوليف، ورؤية الروابط، والتفكير في الحلول والتمييز بين الماكرو والجزئي. ثانيا أن تمتلك الذكاء العاطفي: تشير هذه المهارة إلى قدرة الشخص على إدراك عواطفه والتحكم فيها والتعبير عنها، بالإضافة إلى إدراك مشاعر الآخرين. يكون الذكاء العاطفي عالي إذا كان لديك تعاطف ونزاهة وتعمل بشكل جيد مع الآخرين. قد يشمل ذلك أن تكون قادرًا على التكيف والمرونة، اعتمادًا على الفرد الذي تتفاعل معه. ثالثا الإبداع. وهذا يعني أنك تفكر باستمرار في منتجات جديدة أو خدمات محسنة، أو طرق للعمل مع التقنيات أو التي تسخرها لعملك، وحتى طرق جديدة للتفكير في أي موقف. رابعا الاتصال والتعاون. في عالم مليء بالبيانات، لاستخراج المعنى منها وإيصال ذلك بشكل فعال، ستكون المهارات المكتوبة واللفظية والشخصية ضرورية. سيكون العمل مع الفرق أمرًا حاسمًا أيضًا لأن معظم المهام ستكون تعاونية.

ارفع مهاراتك لتصنع وظيفتك في الثورة الصناعية الرابعة46549690987521040



وكما يقول كل الخبراء إن الغالبية العظمى من المهارات اللازمة للمستقبل هي المهارات الشخصية. فإنه مع عملية الأتمتة التي تتم للسيطرة على معظم حياتنا وتولي الآلات العديد من المهام، سيترك البشر لتوفير "اللمسة البشرية". على سبيل المثال، يمكن قريبًا إجراء تشخيص الأمراض بشكل أكثر دقة عن طريق الآلات أو الروبوتات، حيث يمكن لمسح بسيط أن يحدد بدقة ماهية المرض ومكانه. لكن المنطق يقول إن بروتوكول الرعاية الصحية والراحة للمريض لا يزال من الأفضل تقديمه من قبل زملائه البشر.

التغيير يحدث أسرع من أي وقت مضى، لذلك عليك أن تبقى متيقظًا ومستعدًا #غادة_عامر


في النهاية، أتمنى أن تعتبر هذا المقال دعوة لتطوير نفسك لكي تبقى مفيدا ولا تفقد مكانتك ونفسك. أيها الأصدقاء، التغيير يحدث أسرع من أي وقت مضى، لذلك عليك أن تبقى متيقظًا ومستعدًا.




ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

مبدعة دكتور غادة.. نفع الله بكم

إقرأ المزيد من تدوينات غدقا - د. غادة عامر

تدوينات ذات صلة