الكثير من اليأس يتولد لإنعدام الأمل.. فالأمل توقع الخير ممن بيده الخير

يعرّف البعض الأمل بأنَّهُ ذلك الطمع فيما يمكن الحصول عليه، والطمع أحيانًا يرادف الأمل الذي يُستعمل في الإيجاب والنفي، فهو تعلّق القلب بالحصول على المحبوب في المُستقبل، وقيل أيضًا توقع الخير ممن بيده الخير، انتهى.


أما عن فلسفة ارسطو في الأمل وتعريفه إياه: بأنَّهُ عبارة عن توقع تجربة جذابة أو سعيدة في المستقبل. عندما كان يصف اخلاق الغلمان في كتابه "فن الخطابة" فقال ما نصهُ: ثم انهم يصدقون بالقول سريعًا، لأنهم لم ينخدعوا كثيرًا، ثم إن حسن ظنهم يفسح أملهم... وأكد هذا الرأي في موضع آخر عندما وصف أخلاق الشيوخ فقال: فهم يعيشون بالذكر أو بالأمل، لأنَّ الذي بقي من أعمارهم يسير، والأمل إنما يكون لما يستقبل، فأما الذكر-التذكر-فيما مضى.


أما من يبحث عن الامل فسوف يجدهُ في تلك المشاعر المكتسبة من خلال الثقافات التي نتعلمها والتي تكون رافدًا في تشكيل وعينا وادراكنا للحياة من حولنا، فاليوم اصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف انواعها رافدًا مهمًا في تشكيل وجدان فكرنا واصبحت تستخدم لتوجيه العقول وهي بذلك تمثل اسلوب العيش والسلوك والاحساس والادراك والتعبير والابداع وهي بذلك تكون المرآة لحاضرنا ومستقبلنا من خلال رؤية الثقافات الاخرى وتنوعها.


الأمل هو النظر الايجابي الدائم إلى المستقبل ولو لم يكن هناك أمل فسيكون هناك مستقبل مختلف خيالي محض يصعب تحقيقه على ارض الواقع، فقدراتنا على التنبؤ تأتي من ثقافاتنا واطلاعنا الجيد للأشياء، أما الانفعالات السلبية التي هي ضد الأمل من القلق والخوف واليأس هو توقع غامض غير محدد في العالم الخارجي لا يشير إلى شيء بعينه أنما مجموعة من التوقعات السلبية التي تنتاب الفرد، فالإنسان الخائف يغرس الفزع في نفسه من خلال التهديدات الخارجية المحيطية به، ويظل فزعًا لتوقعه انه دائم الاستعداد للخوف من الخارج، أما اليأس "والعياذ بالله" فهو أكثر حالات الخوف تطرفًا وأصعبها، لأنه يشير إلى اللاشيئية أو العدم.


الأمل مرآة المستقبل35080784708607148


وما سبق ذكره قد تكلم عنهُ الفيلسوف "ارنست بلوخ" وهو فيلسوف ماركسي ألماني تأثر بكل من "هيجل، وماركس" لذلك ذكر الله تعالى في محكم آياته على لسان يعقوب عليه السلام مخاطبًا ابناءهُ متمسكًا بالأمل "يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ".


و أما عن زراعة الأمل وامدادهُ للآخرين نستمدهُ مما ذكرهُ الفيلسوف "بلوخ" والذي يسمي "القصد اليوتوبي" بمعنى حلقة الوصل بن حلم اليقظة وامكانية تحقيقه في أرض الواقع أو حتى التطلع إلى تحقيقه في المستقبل، وأول انفعالاتهِ -أقصد الأمل-هو القضاء على انفعالاتنا السلبية السابقة الذكر، فكلما امددنا الاخرين بجرعة أمل نقضي بها على افكارهم السلبية ونحجب عنهم القلق ونقضي على خوفهم من خلال مساعدتهم بالتخلص من عدم التخيل الايجابي المفتقر اليه، نسمح لهؤلاء بالخروج من ما في دواخلهم إلى ارض الواقع فكل ما يعيشونه هي مجرد أفكار سلبية لا أكثر!


لا يمكن لأي انسان ان يبني املًا دون ان يتصور امكانية تحقيقه، فالكثير من اليأس يتولد من عدم وجود هذا التصور، وامكانية تحقق الشيء المأمول حدوثه في المستقبل هو الأمل الممكن المستطاع! فوفق معظم التصورات ان الضرورة تستلزم الواقعية، والواقعية تستلزم الإمكان، ولكن ليس العكس.. ومما يضيفه الامل هو المضي قدمًا نحو مستقبل جميل مليء بالصحة النفسية والبدنية رافدًا للمجتمع بكل خير.


ويمكننا ايجاد الامل اذا توفرت فيه شروط وصف الأمل، كأن يكون المأمول ممكنًا ومنطقيًا، وميتافيزيقيًا، أي يتفق مع الضرورات الميتافيزيقية، متفق مع القوانين العلمية أو حتى ناموسًا، ممكنًا معرفيًا وزمنيًا متسقًا مع حقائقك المتعلقة بالماضي، ويمكن لعاقل ان يفهمه.. وانا اضيف قادرًا على الاعتقاد بإنَّ الله على كل شيء قدير فهو أقوى الآمال العقلية والمنطقية الباعثة للتفاؤل القادر على تقييم الاحتمالات.


يقدم الأمل الذي يتمناه الانسان الشعور بالأمان فبالرغم من وجود صراعات وحروب وعوامل سياسية واقتصادية إلا ان الامل الانساني ممكن ان يتوقع مستقبل افضل من خلال معطيات ولو بسيطة قابلة للتحقيق كما ذكرناها بشروطها، فلها جانب ذاتي وادراكي ومعرفي والتزامي وحتى عاطفي، فهي تعطينا التخيّل والتنبؤ أو التوقع، والثقة والأمل، وامكانية الحصول على المأمول فيه، واخيرًا وليس آخرًا القدرة على تقييم الاحتمالات وهي قدرة عقلية تمكن صاحبها من حساب احتمالات تحقق ما يأمل فيه في أرض الواقع مع القدرة على تحديد الرغبة المأمولة.


وعليه فإن جانب الاعتزام للأمل هو المسؤول عن توجيه افعال الشخص الآمل بما يتماشى مع افكاره ومشاعره لتحقيق الامل الذي يسعى له الاعتزام وهو الجانب العقلي المسؤول عن التغيير لأنها وظيفه عقلية من خلالها يوجه العقل جهد الانسان لتنفيذ أعمال الإرادة.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مصعب ثائر جسملة | Musaab Thair

تدوينات ذات صلة