"جبل الإنسان علي التحاور الراقي والإستماع بتعقل والمجادلة من الشيطان"
رقي الحوار هو من أهم أدوات تحقيق التقدم الحضاري الإنساني. والصراحة في الحوار حتي لو أدت إلي خلاف هي من صفات الحوار الهادف وذلك من خلال فتح قنوات الحوار مع وأمام الجميع سواء لصديق أو عدو ولكن شريطة الالتزام بأدب وأصول وقواعد الحوار.
وقد أعطانا الله المثل في أهمية الحوار أيا كان نتائجه ودوافعه. فقد تحاور الله مع الملائكة وإبليس وآدم وبعض الأنبياء والرسل حوارا هدفه تحقيق المصلحة العليا للإنسان ولو ضد رغبات البعض.
وكان أول حوار دار بين الله وخلقه هو الحوار الذي دار بين الله وبين إبليس اللعين حين طلب الله منه أن يسجد لآدم. بالرغم من سجود الملائكة لآدم ، مع أن السجود لله وحد ، إلا أن إبليس لم يسجد عمدا مع سبق الإصرار والترصد. وأبي المتكبر أن يسجد لآدم بإصرار عجيب وجادل الله سبحانه وتعالي بل استمر حوار التهديد والوعيد بين الله وإبليس حت انتهي باعتراف واضح وصريح من إبليس بأنه سوف يضل ويغوي بني آدم بكل الطرق والوسائل.
وبالفعل تربص إبليس بآدم وزوجته وغرر بهما حتي تم طردهما من الجنة ومعهم إبليس حتي أصبحت المواجهة بين آدم وإبليس وجها لوجه علي الأرض وبعيدا عن الجنة. وبالطبع استطاع ابليس أن يغوي جدنا الأكبر آدم وكان سببا في طرده هو وجدتنا حواء من الجنة ونعيمها وهبوطهما الأرض ليبقيا فيها في صراع دائم مع أسباب الحياة ومع وسوسة إبليس وتهديده الصريح والذي مازلنا نعاني منه ونكافحه حتي يومنا هذا ونتغلب عليه بفضل إيماننا بالله ورغبتنا الدفينة والموروثة فينا للعودة إلي الجنة التي خلقنا فيها وعاش فيها فترة طويلة جدنا آدم وجدتنا حواء.
ولم يكتفي إبليس بذلك بل غرر بأول ذرية لآدم من قابيل وهابيل حتي اقتتلا وقتل قابيل هابيل لكي يضمن إبليس انقطاع ذرية آدم من نسله المطيع (نسل هابيل). ورغم كل ذلك ورغم تكاثر إبليس اللعين إلا أن ذرية آدم مازالت تجاهد إبليس وتتغلب عليه في كثير من المواقع بفضل الرسل والأنبياء الذين بعثهم الله من وقت لآخر ليعضدوا ذرية آدم ، وما زالت الدائرة تدور بين ذرية آدم وحواء وذرية إبليس ، فسلام علي جدنا الأكبر آدم وذريته...
وكان حديث الملائكة مع الله هو ثاني حوار علي أعلي مستوي علمناه. وجاء هذا الحوار بعد أن علّم الله آدم الأسماء كلها ثم طلب من الملائكة أن ينبئوه (مجرد التنبؤ وليس ليخبروه) بهذه الأسماء بعد أن عرضها عليهم فكان الرد منهم ملائكي وهو النفي فعلمهم قاصر علي ما قد علموه من الله بالرغم من عرض الأسماء عليهم. ومن المتوقع أن حواء لم تشترك في هذا الحوار لأن الله علم هذه الأسماء لآدم فقط ثم قام آدم بتعليمها لحواء فيما بعد حينما تم خلقها من آدم. ويدل ذلك علي المسئولية الأكبر الملقاة علي آدم في التعلم والتعليم وفي مواجهة ابليس اللعين.
وقد كان بالفعل ، فلم يهدأ إبليس إلا بعد أن أغوي سيدنا آدم وجعله يخسر رحمة الله بوجوده في الجنة منعما فنزل منها إلي الأرض لتبدأ قصة شقاءه هو ونسله حتي يومنا هذا وبالطبع طُرد إبليس أيضا من الجنة إلي الأرض ليصارع سيدنا آدم والتي ظهرت أولي بوادرها في قضية قابيل وهابيل وقتل قابيل بالعمد والإصرار والترصد من أخيه هابيل. والحوار الذي دار بين الله وإبليس من المتوقع أنه قد حدث في غضون خلق سيدنا آدم وذلك قبل حوار الله مع سيدنا آدم أو مع الملائكة الذي من المؤكد أنه حدث بعد نصج سيدنا آدم.
جبل الإنسان علي التحاور الراقي.
مع خالص تحياتي
د. محمد لبيب سالم
أستاذ علم المناعة بكلية العلوم جامعة طنطا
مقرر مجلس بحوث الثقافة والمعرفة
أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا
وكاتب وروائي وعضو اتحاد كتاب مصر
www.mohamedlabibsalem.com
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات